الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٩٧
همزة لمزة) (8) ويل لصاحب اللسان الجارح، الذي يفتش عن العيوب، ويتهم الناس. ويحبس المغتابون والمتهمون يوم القيامة فوق تل من الدماء والصديد مدة خمسين ألف عام حتى يفرغ الناس من الحساب، ثم ينقلون إلى جهنم. ولكن إذا تابوا ولم يعودوا إلى الغيبة ثانية، وندموا على أعمالهم القبيحة، وأصلحوا أنفسهم فان الله تعالى يغفر لهم حتى كأنهم الآن مثل ما ولدتهم أمهاتهم. وإذا استطاع ان يزيل التهمة التي ألصقها بالآخرين ويحفظ ماء وجوههم، ويذهب إلى كل من اغتابه ويطلب رضاه، فان هذه الأعمال جيدة قطعا.
ولكن تداركها هو في الندم عليها. وهذا هو القسم الثالث.
القسم الرابع: حق الناس الذي يجب رده إلى الناس، مثل أكل أموال الناس ولو بمقدار قيراط واحد، ولو حبة حنطة، وحق الناس أمر مشكل إلى حد أن القرآن يقول:
(ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) (9).
وكل من أكل أموال الناس بالباطل يأتي يوم القيامة وفي ذمته ذلك المال. ويؤتى به يوم القيامة إلى صف المحشر مفضوحا بهذه السرقة.
وقد نزلت هذه الآية الشريفة في جبهة القتال حين جاء جندي إلى مسؤول بيت المال وقال: لقد خطت هذه الرقعة بخيط من بيت المال وهو غصب، والآن ماذا أفعل، فهل أرفع هذه الرقعة من ملابسي أم أبقيها؟ فقال المسؤول: لا أعلم. فمزق الجندي الرقعة وسلم الخيط إلى بيت المال. حق الناس أمر مشكل.
ولكن نفس حق الناس هذا له توبة. يجب الندم على ما مضى منه وأن لا يأكل مالا حراما مرة أخرى. وأن لا يكون مثل الدودة التي تمتص دماء الناس. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يرد أموال الناس فإذا كان لديه مال فيجب عليه رده إليهم. وإذا لم يكن يمتلك المال فيجب عليه أن يصمم على رد أموال الناس متى ما استطاع ذلك.
وعند ذلك تقبل توبته.

(1) الكافي: ح 2 ص 235 باب التوبة 8.
(2) البقرة، الآية 222.
(3) الأنبياء، الآية: 87.
(4) الوسائل: ج 5 ص 220.
(5) الأنوار: ج 41 ص 15، نهج البلاغة، فيض الإسلام: الحكمة 74. وسدوله: أي حجب ظلامه، والسليم: الملدوغ من حية ونحوها.
(6) الأنوار: ج 4 ص 41 (الحديث مروي عن الباقر (ع).
(7) الماعون، الآيتان: 4 و 5.
(8) الهمزة، الآية: 1.
(9) آل عمران، الآية: 161.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»