الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٩٤
، وأخيرا تلك الأدعية في مفاتيح الجنان وتلك التضرعات من الأئمة الطاهرين (ع) جميعها تستقي من هذا النبع. فهم تضطرب قلوبهم حقيقة وتخشع أمام الله سبحانه، وخضوعها أمام الله سبحانه أكثر بكثير من خضوع الإنسان المذنب، لأن من كانت معرفته أكثر فان استغفاره وخضوعه أكثر أيضا. كان النبي يستغفر سبعين مرة في اليوم. وكانت هذه عادته (ع). ولم يكن للزهراء (ع) ذنب أو ترك الأولى، ولكن أحيانا يكون لها التفات لغير الحق، ولهذا كانت تبكي في الأسحار بحيث تملأ دموعها قنينة. ولم يكن أمير المؤمنين (ع) يرتكب ذنبا. ولا يترك الأولى، ولكن قد يلتفت إلى غير الحق أحيانا، وبهذا المقدار من الالتفات لغير الحق كان يضطرب قلبه، ويخضع قلبه ويخشع بحيث يغشى عليه في البستان ويصير كالميت. يقول ضرار بن ضمرة لمعاوية: " فاشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين " (5) لماذا؟
لأن معرفته بالله أكثر.
لنكن تائبين دائما:
والموضوع الآخر الذي يجب أن ينتبه إليه الجميع في ليالي القدر هذه وكذلك بعد هذه الليالي وهو انه يجب ان تبقى التوبة والإنابة حية في قلوبنا إلى حين الموت، يجب أن يبقى القلب مضطربا دائما مقابل عظمة الخالق تبارك وتعالى.
ويجب الالتفات إلى أن الذنب مهما كان نوعه، ومهما كان كبيرا، ومهما كانت الذنوب كثيرة، إذا كانت هذه الحالة موجودة عند الإنسان فان الله تعالى يغفر له. " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " (6).
فإذا تاب أحد من الذنب توبة صادقة فكأنه لا ذنب له أصلا والإنسان بعد التوبة من الذنب مثل الطفل الذي ولدته أمه توا.
يتلف ملفه الأسود. وإذا ارتكب أحد معاصي كثيرة ويقول إن الله لا يغفر لي، فنفس هذا الكلام ذنب كبير على شفا حدود الكفر.
وكل من ييأس من روح الله فقد ارتكب معصية كبيرة على شفا حد الكفر. إذ يستطيع الإنسان التوبة ما دام قبل الموت،
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»