الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٣٤
أترك صلاة الليل منذ كنت في السادسة عشرة من العمر إلى الآن. نور الإيمان العاطفي، نور الإيمان العقلي، الذي أضاء قلوب هؤلاء هو الذي يحول دون الذنوب، ذلك النور يلجؤهم إلى أداء المستحبات، بل لعلهم يستمتعون بأداء المستحبات بما لا يعلم مداه أحد.
يقول القرآن الكريم: أولئك الذين يقومون الليل، ويهجرون المضاجع أولئك الذين يبرون الفقراء ويصلون الضعفاء سيجزون بصلاتهم وانفاقهم جزاء لا يدرك لذته أحد.
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) (5).
ظاهر الآية انهم ينالون جزاء في الحياة الدنيا، يتلذذون في هذه الدنيا فعندما " يكبر " لصلاة الليل يشعرون بالسعادة كمن أعطاه الله خير الدنيا والآخرة.
وهم على استعداد للتضحية بدنياهم من أجل راحة الآخرين ويشعرون بالمتعة بذلك الايثار.
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (6).
ومعنى الآية انهم يؤثرون الآخرين فيقدمون لهم الطعام والشراب رغم حاجتهم الماسة له.
ويقال في سبب نزول هذه الآية انها نزلت بحق أمير المؤمنين (ع) أو انها نزلت بحق المقداد، أو أنها نزلت بحق أبي أيوب الأنصاري وربما تكون جميع هذه الأسباب صحيحة، والقصة كما يلي:
- إيثار أبي أيوب الأنصاري:
ان النبي الأكرم (ص) اجتاز طريقا فشاهد أبا أيوب الأنصاري وقد بسط فراشه على الطريق وجلس مع زوجته وابنه وكان وجهه إلى الحائط وظهره إلى المارة، فسأله النبي (ص) يا أبا أيوب لماذا جلست هنا؟
فقال يا رسول الله إن أحد المهاجرين قدم إلى هنا وليس له دار فرأيت أنه سيقيم في الطريق وفي ذلك ذل له ولنا، ويبعث ذلك على الخجل له ولنا، فإذا أسكنته بيتي وأقمت أنا هنا فلا أخجل من ذلك لأني قد أعنته وفي ذلك افتخار لي.
هذا هو: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
فانظروا كيف وصل المسلمون إلى حالة من الايثار يعطي أحدهم فيها بيته للآخر ويسكن على قارعة
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»