الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٣٣
طرف والذنب في طرف آخر لما قارف الذنب ولركل الدنيا بقدمه.
وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة، وما ذكره الإمام (ع) لا يختص به فقط بل إذا بلغ إيمان الشيعة مرتبة عالية وبلغ مرتبة عين اليقين فيمكنهم ادعاء ذلك.
يقول أمير المؤمنين (ع):
(والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته) (3).
يقول (ع):
أقسم بالله، لو أعطيت العالم وقيل لي أعص الله لما فعلت، حتى لو كانت تلك المعصية من الصغر إلى درجة ان أسلب حبة شعير من فم نملة وهذا القول ليس دليلا على عصمة الإمام ولا على إمامته ولا يختص به ولا يختص بسائر المعصومين (ع) ولا يختص بالنبي (ع) وإنما هو قدوة لنا.
يعني يجب أن يرتفع إيمانكم إلى مقام عال، يجب أن تسعوا حتى ينور الإيمان قلوبكم وتبلغوا مرتبة رفيعة بحيث لو أعطيتم الدنيا قبال الذنب، فان يقينكم يحول دون ذلك، ويمكن ان تكون إرادتكم بذلك المستوى من القوة.
والتاريخ والتجربة تسعفنا بالدليل على ذلك، كثيرا ما قرأنا في التاريخ وكثيرا ما شاهدنا من عظام وكبار استعدادهم للتضحية بالدنيا على أن لا يفوتهم صلاة ركعتين.
- فضيلة صلاة الليل:
هذه الرواية التي ينقلها المرحوم صاحب الوسائل في كتابه الشريف في فضيلة صلاة الليل عن النبي الأكرم (ص): (الركعتان في جوف الليل أحب إلي من الدنيا وما فيها) (4).
قول النبي الأكرم (ص) يعني أنه لو أعطي الدنيا بتمامها على أن تفوته صلاة الليل ليلة ما لما فعل ذلك.
هذه العبارة لا ترتبط بشخص النبي الأكرم (ص) وإنما ترتبط بدرجة اليقين الراسخ في قلبه، وبإمكان الشيعة الوصول إلى هذه الدرجة من اليقين بل يجب عليهم بلوغ ذلك.
نحن نعرف أشخاصا يضجون بالبكاء إذا ما فاتتهم صلاة الليل ليلة ما.
ولا أنسى ذاك الشخص من أهل القلوب الذي ترك صلاة الليل في إحدى الليالي فأخذ في البكاء من الصباح حتى المساء لأنه لم يصل صلاة الليل البارحة، وقال لم
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»