الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٣٢
إلى قلوبكم بعد.
ثم قال: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) (2) المؤمن من آمن قلبه وتيقن. وطالما لم يبلغ اليقين فان نقطة الجهل والشك قائمة. ولذا لم ينج أصحاب الإيمان العقلي الاستدلالي من الشبهات والجهل والأوهام والوسوسة.
الايمان الذي ينفعنا والذي يريده الله منا ويريده القرآن منا هو الإيمان القلبي والإيمان اليقيني ولعل كلمة الحصر (إنما) تشير لذلك.
مراتب اليقين:
اليقين على مراتب، اليقين يشبه النور، فكما النور على درجات، مصباح ذو عشرين شمعة ومصباح ذو آلف شمعة ومصباح أكثر، فكذلك اليقين.
فعندما يشع في القلب ينير القلب لكن تارة كما يضئ المصباح ذو المئة شمعة غرفة واحدة، وأحيانا قد يصل مرتبة ينير فضاء القلب بشدة - كما يضئ المصباح ذو الألف شمعة غرفة واحدة.
لذا يعرف الفلاسفة اليقين بأنه ذو تشكيك، يعني انه ذو درجات وكل مراتبه حسنة، والمرتبة التي نتحدث عنها هي المرتبة الأولى ومن المعلوم ان كلما علت المراتب كان أفضل.
وعلماء الأخلاق يذكرون ثلاث مراتب لليقين:
علم اليقين، عين اليقين، حق اليقين.
وواضح أن كل مرتبة من هذه المراتب درجات، وهي خارج مجال بحثنا في الوقت الحاضر.
المرتبة الأولى من اليقين، تدفع الإنسان إلى أن يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات صلاته في أول الوقت، وصيامه في محله، واجتناب الإثم بموقعه، وخلاصته أنه يهتم بفعل الواجبات وترك الذنوب بشكل تلقائي.
هذه هي المرتبة الأولى من اليقين، والتي هي المرتبة الأولى من الإيمان القلبي.
أما في المرتبة اللاحقة فإنه يهتم بالمستحبات وأدائها والمكروهات واجتنابها.
ولا ينجر إلى مواطن الشك والشبهات وأمثالها.
ومن المسلم به ان الشائعات لا تتردد على لسانه ولا يتكلم بلا دليل فإذا تحدث فمع البرهان وإذا استمع فمع البرهان، ولا يجري على لسانه ما انطوى على الشبهة.
أما المرتبة الثالثة فيصل الإنسان فيها وبالتدريج إلى مقام يمكنه الادعاء فيه ان الدنيا لو كانت في
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»