الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٢٣
وكلمة " الرياء " و " التظاهر " كلمة مظلمة جدا وكلمة شؤم، وبمجرد أن يتصورها الإنسان يجدها مظلمة من رأسها إلى مقدمها.
وأما كلمة " الاخلاص " و " الخلوص " فهي مقدسة. ويقبل هذا حتى غير المسلمين أو من لا دين له.
- معنى الخلوص:
الخلوص حالة للإنسان تكون أعماله وأقواله مظهرا لها. وإذا كانت صفحة الخلوص حاكمة على قلب إنسان فستكون أقواله مخلصة، أعماله مخلصة، ولا شئ في نظره غير الله. وإذا استطاع الإنسان أن يصبغ جميع أقواله وأفعاله بصبغة الإخلاص فإنه أمر جيد، يقول القرآن:
(صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) (1).
أي أن أحسن صبغة هي صبغة الله، وكذلك يقول القرآن الشريف: ان الدين جاء أصلا من أجل العبادة، لا صرف العبادة، بل العبادة التي فيها لون الخلوص.
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (2).
لم يؤمروا بغير العبادة، ولكن العبادة المصبوغة بلون الخلوص، والذي يريد أن يكون عمله نورانيا ومملوءا بركة، وفيه خير الدنيا والآخرة، يجب أن يكون ساعيا لا في صلاته وصيامه فقط بل لتكون جميع أعماله مصبوغة بهذه الصبغة، لتكون جميع أعماله مخلصة، فمثلا المرأة التي تقوم بأعمال المنزل وترعى زوجها وأطفالها إذا أرادت سعادة الدنيا والآخرة، إذا أرادت لبيتها أن يزدهر ويمتلئ فرحا، إذا أرادت أن يكون لها أولاد صالحون، وإذا أرادت محبة زوجها، فيجب عليها أن ترعى زوجها وأولادها في سبيل الله، أن يكون في عملها صبغة الله، وصبغة الله هذه تجعل أعمالها مباركة وتعطي لها ثواب المجاهدين في الخطوط الأمامية للجبهة. وكلما كان الخلوص أكبر كان ثوابه أكثر، حتى يصل درجة تعطي هذه المرأة ثواب الشهيد.
وكذلك الرجل فبالإضافة إلى أن عليه الإخلاص في صلاته وصيامه يجب عليه الإخلاص في أعماله الدنيوية. أي ينبغي أن يكون الاخلاص أيضا في المشقة التي يتحملها في سبيل رفاه زوجته وأطفاله ليحفظ ماء وجهه، أي يكون عمله قربة إلى الله تعالى، فبالإضافة إلى البركة والنورانية يعطى ثواب
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»