الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١١٢
والعمومية شيئا. وحينما يقال له لماذا لم تتحدث في المجلس الفلاني الذي كان فيه الحديث عن البحث العلمي، كان يقول: لم يكن شيئا ضروريا لماذا يتحدث الإنسان؟ لماذا يقول الإنسان الشئ الذي يوجب التفاخر وتركيز الأنانية؟ ومن هذا المنحى كانت إحدى الصفات الرفيعة التي يتصف بها الإمام قدس سره هي أنه كان بطلا في مجالس الدرس والمباحثة ولكنه كان ساكتا تماما في المجالس الأخرى ويحتاج هذا إلى تهذيب متواصل ليستطيع الإنسان الوصول إلى هذه الدرجة والدعاء والمناجاة مع الله يمنح الإنسان هذه القدرة على بناء نفسه.
وإذا كنت قد قلت لكم بأن " مفاتيح الجنان " للمحدث القمي معمل صناعة الإنسان فاني لم أخطئ في ذلك فاقتفوا أثر هذه النصائح. الدعاء يجعل الإنسان متواضعا، ويفهم بأن العظمة فقط لله سبحانه.
طلب أحد الملوك نصيحة من أحد العرفاء، فقال العارف: إذا كنت عطشانا وقد أشرفت على الموت لشدة العطش فماذا كنت تعطي لتشرب الماء؟ فقال: نصف ملكي وسلطاني. فقال العارف: إذا انحبس الماء الذي شربته في بدنك فماذا كنت تعطي ليخرج بولك؟ قال: نصف سلطاني.
فقال العارف: إذن لا فخر لك في سلطانك الذي ساوى قدح من الماء شربته ثم أرقته. فليس محلا للتفاخر ولا للشعور بالعظمة.
وهذه " الأنا " كثيرة في أوساط الجميع. موجودة في أوساط النساء، وموجودة في أوساط الرجال. ويستطيع الدعاء والمناجاة مع الله أن يزيل ذلك.
- الدعاء هدوء الروح:
وللدعاء فائدة أخرى أيضا وهي لدنيانا أيضا جيدة. فإذا ترك الإنسان الهموم والغموم في قلبه تتحول إلى عقدة. فان الكثير من المجرمين أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي وجنكيز كانوا من وجهة نظر علم النفس معقدين. وأغلب النساء اللجوجات أو النساء اللاتي لا تستطيع التوفيق في حياتها الزوجية هن نساء معقدات. وتبدأ العقدة من هنا إذ تنتقل الآلام والغموم من الشعور إلى اللاشعور. ومن هنا يقول علماء النفس: إذا كان عندك هم وغم فتحدث به إلى من تراه أمينا، الزوجة تحكي لزوجها والزوج
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»