الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١١١
الأرضية المناسبة فان أكثر الناس تقول: " أنا ربكم الأعلى " إلا من استطاع كسر أنانيته. ولم تتهيأ الفرصة لأمريكا المجرمة وصدام المجنون أن يقولوا " أنا ربكم الأعلى " وإلا لقالوها. وقد تهيأت الأرضية لفرعون فقال ذلك. وبالنسبة لنا أيضا فإنه إذا توفرت الأرضية المناسبة فإننا نقول لأطفالنا ونسائنا " أنا ربكم الأعلى ". والآن إذا لم نستطع أن نقول ذلك ولكن نبدأ بامتداح أنفسنا ونسائنا وأطفالنا. الجميع يقولون أنا! أنا! وهي نفس قول " أنا ربكم الأعلى ".
أرجو منكم، من النساء ومن الرجال أن لا تتحدثوا عن أنفسكم فهذه صفة سيئة وكل من يتحدث عن نفسه فإنه سيخسر بنفس ذلك المقدار، وسيهبط بمقدار ما يتحدث عن نفسه. وإذا أردنا أن نرتفع إلى الأعلى فعلينا بالتواضع. نقرأ في الروايات:
" من تكبر وضعه الله ومن تواضع رفعه الله ".
وأكثر الصفات الرذيلة تنبع من هذه " الأنانية ". ومع الأسف فان كثيرا من الناس لا يستطيعون كسر هذه الأنانية، ولذلك فهم يرتكبون ذنوبا كبيرة. وعندما يستطيع الإنسان كسر هذه الأنانية فإنه يستطيع أن يدرك نفسه يقول علي (ع):
" عجبت لابن آدم أوله نطفة وآخره جيفة وهو قائم بينهما وعاء للغائط ثم يتكبر " (6).
يعني أيها الإنسان أولك نطفة وآخرك جيفة، ورائحة الجيفة قد انتشرت في كل مكان، وأنت بين النطفة والجيفة تحمل العذرة، إنك كاناس في هذه الدنيا فلماذا تتكبر؟
إن الدعاء والمناجاة مع الله يقلع جذور هذه الأنانية من الإنسان، في ذلك الوقت الذي يبكي فيه وينتحب. في البداية يرى نفسه ضئيلا أمام الله، وفي نفس الوقت الذي يطلب فيه شيئا من الله فإنه يثبت الغنى المطلق لله تعالى والفقر المطلق لنفسه عمليا.
الدعاء يعني إدراك الفقر المطلق له والغنى المطلق لله سبحانه. وبمرور الزمن يصل الإنسان إلى هذه النتيجة بأن الدعاء فضيلة كبيرة جدا. ولا يكون هذا الشخص حينئذ ممن يجلس ويتحدث عن نفسه ولم يكن الإمام قدس سره يتحدث في المجالس الخصوصية
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»