الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٠٧
منذ ذلك الوقت إلى الآن كنت أعمل في حسابات بيت المال، وأما الآن فإنكم تريدون أن تتحدثوا بأمر شخصي وخارج عن بيت المال ولا يمكن أن اشعل شمعة بيت المال لأمر كهذا.
فقال هؤلاء في أنفسهم: إنه على غير استعداد أن يحرق شمعة واحدة من أموال المسلمين في كلام خاص فكيف يمكن أن يعطي الرئاسة أو الأموال في غير محلها؟
وأخيرا ذهبوا وأشعلوا نار حرب الجمل، وجمعوا في معركة الجمل أربعين ألفا من الناس العوام حولهم من مكة والمدينة والبصرة ومدن أخرى وقاتلوا عليا. وكانت هذه الحرب صعبة جدا على علي (ع) - نظير الحرب المفروضة على إيران ثماني سنوات - قتل المسلمين كان أمرا صعبا جدا على أمير المؤمنين (ع)، ولكن لا سبيل غير ذلك، وقد رأى أن الإسلام في خطر ويريد هؤلاء المجرمون وعبدة المال أن يمحوا ذكر الإسلام. ولهذا فقد حفظ الإسلام بسيفه فقتل بعضهم وتفرق الآخرون. وانتهت حرب الجمل ولكن تركت في قلب علي (ع) حسرة.
وقد قام بحرب الجمل أهل الرذيلة وعباد المال وطلاب الرئاسة والأشخاص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، لماذا ألقى (ع) نفسه في هذه الحرب لأنه كان متعهدا بالمحافظة على بيت مال المسلمين، وقد كتب إلى ولاته: " أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فان أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار " (2).
يا شيعة علي خذوا الدرس من كلام علي هذا وعند خروجكم من المجلس. فإذا كنتم - لا سمح الله - غير دقيقين في أموال المسلمين، وكنتم لا أباليين، فكونوا من هذه اللحظة فما بعدها من شيعة علي. ودققوا إلى حد الشعرة. فقد كان علي مع دقة حسابه يبكي في الأسحار ويدور حول نفسه (خوفا من احتمال كونه غير دقيق إلى حد كاف أو كونه مقصرا) ويدعو الله قائلا: " اللهم إني أعوذ بك من نقاش الحساب " إلهي أعوذ بك من حسابك يوم القيامة حيث لا تترك الشعرة.
ولهذا كان يبكي ويئن ويضج خوفا من أن يكون قد علق في يده شئ من أموال الناس. ويقول في موضع آخر من نهج البلاغة:
"
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»