الصلاة على محمد وآله في الميزان - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٨٤
ومما يدل على أن سبب الخلاف والمخالفة هو السلطات القائمة ما رواه الزبير بن بكار الزبيدي المتوفى 256 ه‍ في كتابه المعروف ب‍ (الموفقيات) الذي ألفه باسم الأمير الموفق بن المتوكل، وهو أخو المعتمد العباسي، وولي عهده والكتاب ينقل عنه المؤرخون من العامة، وهو عندهم من الأصول التاريخية المتبعة. روى لنا الزبير في هذا الكتاب مسندا عن رجاله، عن مصرق بن المغيرة بن شعبة إنه قال: وفدت مع أبي المغيرة على معاوية، وكان أبي يأتيه فيتحدث معه، ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية، ويذكر عقله ويتعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتما في تلك الليلة، فانتظرته ساعة وظننت إنه لشيء قد حدث فينا، فقلت: ما لي أراك الليلة مغتما؟ فقال يا بني جئت من عند اكفر الناس وأخبثهم (يعني معاوية) قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له (وقد خلوت به): إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا فإنك قد كبرت ولو نظرت إلى إخوانك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه. فقال هيهات هيهات ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو بني عدي فاجتهد وشمر عشر سنين فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: عمر، ثم ملك عثمان فملك ولم يكن أحد في مثل نسبه، وفعل ما فعل وعمل ما عمل فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعل به.
وإن أخا بني هاشم (أي النبي (ص)) يصاح به في كل يوم خمس مرات: اشهد أن محمدا رسول الله (ص) فأي عمل يبقى بعد هذا لا أم لك، لا والله إلا دفنا دفنا. راجع القصة في كتاب (كشف الغمة) ج 2 ص 44 - 45 لعلي بن عيسى الأربلي، وفي (النصائح الكافية) للسيد محمد بن عقيل ص 97، ونقلها
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»