الصلاة على محمد وآله في الميزان - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٧٩
على النفاق (انهم اعتادوه ومرنوا أنفسهم عليه حتى حذقوه، ثم استمرأوه فلجوا فيه ومردوا عليه حتى أصبح نفاقهم يخفى حتى عليك أنت يا محمد، وذلك لشدة حذقهم فيه، ويسر مزاولتهم له (لا تعلمهم نحن نعلمهم (.
ففكر (أيها المطالع الكريم) بعقلك السليم أن قسما من المنافقين يخفى نفاقه (لدقته) حتى على رسول الله (ص) الذي صحبهم وصحبوه، إذا كيف نعرفهم بأعيانهم ونحن البعيدون عنهم، وإن كان الله قد أعلمه بهم ليحذرهم ولكنه لا يعلمهم من نفسه، نعم لا يعلمهم إلا خالقهم المحيط بهم، (والله من ورائهم محيط ([البروج / 22] لذا قال تعالى: (نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين (ولعل المراد بالعذاب مرتين، الأول ما يعانونه أيام حياتهم الدنيا المتقلبة، والمشوبة بالأكدار والأحزان المنوعة.
صفوا من الأقذاء والأكدار متطلب في الماء جذوة نار.
طبعت على كدر وأنت تريدها فمكلف الأيام ضد طباعها.
والعذاب الثاني ما يلاقونه في عالم البرزخ وهو منذ حضور آجالهم وقبض أرواحهم إلى يوم القيامة، (ثم يردون إلى عذاب عظيم (أي يوم القيامة وما بعدها إلى ما لا نهاية له.
وكذلك يقول تعالى فيهم أيضا مخاطبا رسوله (ص): (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ([التوبة / 84].
ويقول أيضا مخاطبا له: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»