2 - إباحة الأكل والشرب والنهي عن الإسراف والبحث الثاني من الآية الكريمة قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا (أباح لنا الله سبحانه وتعالى في هذا النص الأكل والشرب بعد الإباحة بأخذ الزينة ولكنه قيدنا بقوله: (ولا تسرفوا (أي لا تسرفوا في هذه الأمور الثلاثة: الزينة والأكل والشرب.
واختلف المفسرون في المراد من الإسراف فقيل: هو تجاوز الحلال إلى الحرام، قال مجاهد: لو أنفقت مثل أحد في طاعة الله عز وجل لم تكن مسرفا ولو أنفقت درهما أو مدا في معصية الله لكان ذلك إسرافا (1).
وقيل ان الإسراف هو الخروج عن حد الاعتدال في زيادة المقدار، والصحيح انه لا مانع من الجمع بين القولين وصحتهما معا بأن يكون الإسراف هو تجاوز الحلال إلى الحرام من جهة والخروج عن حد الاستواء والاعتدال بزيادة المقدار من جهة ثانية بحيث يدخل الإنسان على نفسه الضرر والمرض بتلك الزيادة، والقول الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة.
وقد حكي ان هارون الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق اسمه بختيشوع، قال يوما لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم - أي القرآن - من علم الطب شئ، والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان، فقال له: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه وهو قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا (فقال الطبيب: ولم يرو عن رسولكم شئ في الطب، فقال: جمع رسولنا الطب كله في ألفاظ يسيرة وهي قوله (ص):