الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٩٧
ولما كان الزنا من أقبح أسباب اختلال نظام الهيئات الاجتماعية وأشدها أثرا في جلب الفقر والبلاء وأسهلها طريقا إلى الأمراض والأسقام وقصر العمر كان بالطبع ممقوتا لدى العقلاء منذ عرفه البشر وشعر بمساوئه حتى نفر منه كل ذي عقل وشعور وأصبح مذموما لدى الدين والعلم والعقل، وتحرمه كل شريعة ويمنعه كل عقل ويحذر منه كل علم في كل عصر ولدى كل أمة لذلك كانت الديانات كلها منذ القدم تعاقب عليه بأنواع العقوبات وتعده منكرا فظيعا.
ففي شريعة موسى (ع) يحكم على الزاني بالإعدام، وفي الشريعة المسيحية الشرقية والإفرنج للزنا اعتباران ديني ومدني، أما الاعتبار الديني فهو ان الكنيسة تعده من الخطايا الأصلية والتي يجوز ان يحصل بسببه افتراق الزوجين، أما المدني فيحكم عليهما بالحبس الشديد بمدة تتراوح بين ثلاثة اشهر إلى سنتين، وعند العبرانيين الرجم على الزانية، وفي الهند تترك للكلاب الجائعة وهي حية ويحرق شريكها في الجريمة، ولدى قدماء المصريين تعاقب الزانية بالقتل، وعند هيردوتس اليوناني الحكم على المرأة الزانية بقطع انفها وعلى الرجل مائة جلدة (1).
أحكام الزنا في الإسلام للمحصن وغيره أما في القرآن فقد جعل حد الزانية والزاني الجلد على مشهد من الناس بعد شهادة أربعة شهود عليهما لكيلا يعودا إلى هذه الفاحشة وليرتدع الغير عنها وعدده مائة جلدة فقال: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد

(1) راجع الأحكام في كتاب (المغريات العشر) للخليلي ص 162.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»