الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٩٣
النهي عنها انما يتعلق بها بما لها من العناوين في المجتمعات الإنسانية غير المرغوب فيها عندهم وعند المفهوم العقلي أيضا.
فالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي كل واحد منها على حدة يراد بها اتحاد مجتمع تتعارف أجزاؤه وتتلاءم أعماله بترك هذه المفاهيم الثلاثة بحيث لا يستعلي بعضهم على بعض بغيا ولا يشاهد فيه فحشاء ولا منكرا وعند ذلك تستقر عليهم الرحمة والمحبة والألفة وترتكز فيهم القوة والشدة أمام أعدائهم بهجر كل خصلة سيئة تؤدي بهم إلى التفرقة والتهلكة.
رأي بعض المفسرين في النواهي الثلاثة ويرى بعض المفسرين كالفخر الرازي وغيره (1) ان المراد بالنهي عن الفحشاء - في خصوص هذه الآية - عبارة عن النهي عما يحصل من الانقياد والاتباع للقوة الشهوية من أنواع السوء كالزنا واللواط وشرب الخمر والحرص على الدنيا والطمع والجشع وأمثال ذلك مما يتعلق بالقوة الشهوية.
والمنكر هو ما تنكره العقول مما يحصل من الانقياد والاتباع للقوة الغضبية كالقتل بغير الحق والضرب الشنيع وسوء الخلق من الحدة والغضب في الباطل وما شاكل ذلك من أنواع التعديات على الغير مما يتعلق بالقوة الغضبية.

(1) راجع (تفسير مفاتيح الغيب) للرازي ج 5 ص 343 و (تفسير البيضاوي) ج 3 ص 190 و (تفسير الجواهر) للطنطاوي ج 8 ص 154 و (تفسير المراغي) ج 14 ص 129 وص 132 ونقل السيوطي في (الدر المنثور) ج 4 ص 128 عن عطاء انه قال: وينهى عن الفحشاء، قال: الزنا والمنكر قال الشرك، والبغي قال: الكبر والظلم.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»