الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٩٩
والحالة الثانية التي يحكم فيها على الزاني بالقتل وان كان غير محصن الكافر إذا زنا بالمسلمة فإن الرأي السائد بين فقهاء المذهب الجعفري ان حده القتل وإن لم يكن محصنا، ويدل على ذلك الخبر المعتبر الذي يرويه حنان بن سدير عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) انه سأل عن يهودي فجر بمسلمة فقال (ع): يقتل.
والحالة الثالثة: التي يكون حد الزاني فيها القتل هو ما لو أكره الرجل امرأة فزنى بها، ويدل على صحة هذه الفتوى أخبار معتبرة مروية عن أئمة الهدى منها خبر العجلي المعتبر الذي يرويه عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) انه سئل عن رجل اغتصب امرأة فرجها، قال: يقتل محصنا كان أو غير محصن.
هذه أدلة لزوم القتل للزاني في الحالات الثلاثة (1) وان لم يكن محصنا. وهذا هو الموافق للذوق السليم أيضا فإن الزنا بالمحارم أكبر ذنبا وأعظم وزرا ومتى ما عظم الجرم فلا بد وان يعظم الحد عليه كما ان في زنا الكافر بالمسلمة تحديا للمسلمين وخروج عما يجب عليه تجاههم فكان اللازم ان يزيد عقابه على عقاب الكافر لو زنى بكافرة أو عقاب المسلم لو زنى بمسلمة. أما من أكره امرأة وزنى بها فهو يجمع بين جرمين الزنا والإكراه عليه فكان لا بد من تشديد عقابه.
ولعل هؤلاء الزناة يكونون داخلين في الإفساد في الأرض فيكونون ممن يدخل تحت مفاد هذه الآية الكريمة: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم

(1) راجع تعليق العلامة السيد إسماعيل الصدر في (التشريع الجنائي الإسلامي) ص 174.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»