لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون، واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب) [الأنفال: 24 - 25].
ومن يتدبر في أحداث يوم الصحيفة ويمسك بأطرافها، يجد أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يكتب لهم كتابا يكون سببا في الأمن من الضلال، وهذا السبب كان كافيا لتنفيذ الأمر، ولكن بعض الذين حضروا قالوا:
" هجر "، فكانت هذه الكلمة كافية ليمسك الرسول عن كتابة الصحيفة، لأنها ربما تكون مدخلا لتشكيك البعض في كل ما كتب من وصايا وعهود، ويترتب على ذلك فتن عديدة، ويشهد بذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال: " قالوا:
إن النبي ليهجر، فقيل له: ألا نأتيك بما طلبت؟ قال: أو بعد ماذا؟! " (1)، وأمر الرسول إليهم بأن يأتوه بصحيفة ليكتب لهم الكتاب، هذا الأمر في حد ذاته كاف لإقامة الحجة عليهم، وإن لم يأتوا إليه بالصحيفة، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أقام الحجة على الأمة بالبلاغ في حجة الوداع، وقبلها، وبعدها في غدير خم.
وقد احتج البعض أن قولهم: " حسبنا كتاب الله "، يستند إلى أن الكتاب جامع لكل شئ، وقولهم هذا ينتج إشكالا، لأن الكتاب الجامع لكل شئ أمر بطاعة الرسول، وعلى الرغم من أن الكتاب جامع إلا أنه ليس في استطاعة كل واحد أن يستخرج منه ما يريده على وجه الصواب، لهذا فوض الله رسوله في أن يبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، ولأن الناس في حاجة إلى السنة مع كون الكتاب جامعا، جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عترته مع الكتاب في حبل واحد ولن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
وبالجملة، لما كان الكتاب فيه آيات متشابهات، وهذه الآيات يتتبعها الذين في قلوبهم زيغ لإثارة الفتن ولتأويل الكتاب، حتى ينتهي تأويلهم إلى .