وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٦٤
وأمر بالصوم والصلاة، وحث على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، ثم كسر الأصنام وعطل الأوثان، وأخمد النيران، وأعلن الأذان، فهذه هي ثمار النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي بعثه الله، والناس في ظلمة الجهل والانحراف، فأنار الطريق وأقام الحجة، وبين منهجه للبشرية الطريق الذي يحقق السعادة في الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي، لأنه يمد الإنسان بالوقود الذي يميز به بين الحلال وبين الحرام، وينطلق بالانسان نحو الأهداف التي من أجلها خلقه الله بالوسائل التي له فيها رضا، ومن خلال المنهج الاسلامي يحفظ الإنسان صلته بالله ورسوله، لأن المنهج يقوم على أوامر الله، فهو - سبحانه - مصدر جميع السلطات، وإليه تنتهي جميع القرارات، لأنه - تعالى - مصدر الخلق والتكوين، وواهب الحياة ومقوماتها، فكما أن له - سبحانه - الخلق والإبداع، كذلك له الأمر والنهي.
وبعد أن أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحجة، حانت الساعة التي يدعى فيها فيجيب، وعلى فراش المرض أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأسباب حتى لا تختلف الأمة من بعده، وهو يعلم أن الاختلاف واقع لا محالة، ونظام العالم هو نظام الأسباب والمسببات، والانسان مطالب بأن يكون اعتماده على الله عند أخذه بالأسباب وفي كل حال، وعلى هذا سار الأنبياء والرسل عليهم السلام، كانوا يخبرون بالغيب عن الله بما يستقبل الناس من فتن وأهوال، ثم يأخذون بالأسباب فيحذرون الناس من مخاطر الطريق.
عن ابن عباس قال: " لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قاله عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا! " فكان ابن عباس يقول: " إن الرزية كل الرزية، ما حال بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 » »»
الفهرست