وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٥٨
ومما يثبت أن المقصود بذي القربى: علي وفاطمة وولداها، تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاقتراب منهم بأذى، لأن من يؤذيهم يكون في الحقيقة قد آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقع تحت عقوبة لا يدفعها دافع، قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) [الأحزاب: 57]، ومن المعلوم أنه لا يوجد مخلوق يمكن أن يتسبب بأذى الله تعالى، ولكن الآية تتوعد كل من آذى النبي بشئ، لأن من آذاه فقد آذى الله، كما أن من أطاعه فقد أطاع الله.
وتحذيرات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاقتراب بأي أذى لعترته، وردت في أحاديث كثيرة، منها ما روي عن سعد بن أبي وقاص قال: " كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: ما لكم وما لي؟ من آذى عليا فقد آذاني " (1)، ومنها ما روي عن عمرو بن شاس الأسلمي، قال: " خرجت مع علي إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك، حتى وجدت في نفسي عليه، فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد، حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآني أبدى عينيه (أي: حدد إلي النظر)، حتى إذا جلست قال: يا عمرو، والله لقد آذيتني، قلت: أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله، قال: بلى من آذى عليا فقد آذاني " (2)، ومنها ما روي عن المسور بن مخرمة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها " (3).
وبالجملة، إن الدعوة الإلهية الخاتمة بينت أن الإخلاص في العبادة أفضل الأمور الدينية، ومن أوجب الواجبات الشرعية، وبينت أن حفظ الصلة .

(١) أخرجه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات، الزوائد: ٩ / ١٢٩، الفتح الرباني:
٢٣ / ١٢٠، ورواه الحاكم وصححه، المستدرك: ٣ / 122، ورواه البزار، كشف الأستار:
3 / 200، ورواه ابن حبان في صحيحه، الزوائد: 9 / 129، وابن كثير، البداية: 7 / 347.
(2) رواه أبو يعلى، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 129، وابن كثير، البداية: 7 / 347.
(3) رواه مسلم، الصحيح: 3 / 16، والبخاري بلفظ: فمن أغضبها أغضبني، الصحيح: 2 / 302.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست