وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٢٢
وعلى امتداد عهد البعثة الخاتمة، بين الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أن شريعته تنهى عن الفحشاء والمنكر وتأمر بالمعروف، وتحذر من البغي والاستكبار والاختلاف، وتنادي بالعدل والإحسان والاستقامة، وتدعو إلى العمل الصالح والتفكر والتدبر والإصلاح والإخلاص، وأن منهج الدعوة عموده الفقري هو التوحيد، وشجرته الأخلاق الفاضلة، إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي.
وعلم أهل الكتاب وغيرهم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، قال تعالى: (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) [الأعراف: 128]، ولقد اختبر الله - تعالى - الفرع الإسرائيلي من الشجرة الإبراهيمية، وبعث فيهم الأنبياء والرسل لينظر - سبحانه - كيف تعمل القافلة، وعلم أهل الكتاب كيف سارت القافلة وبماذا حكم الله عليها، وهذا الحكم يقرأوه في ما بين أيديهم من التوراة الحاضرة، ومنه قول الرب لهم: " ها أنذا أنساكم وأرفضكم من أمام وجهي، أنتم والمدينة التي أعطيتكم وآباءكم إياها، وأجعل عليكم عارا أبديا وخزيا أبديا لا ينسى " (1)، وقال: " هو ذا من أجل آثامكم بعتم، ومن أجل ذنوبكم طلقت أمكم " (2)، وبين هذا الحكم وبين البعثة الخاتمة، قتلوا الأنبياء الذين بعثهم الله لإقامة الحجة على الأجيال المتعاقبة، وعند ما جفت المسيرة من الماء، بعث النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ليختبر الله - تعالى - بمنهجه أمة جديدة في مقدمة عالم جديد.
وببعثة النبي الخاتم حكمت الدعوة الإلهية حكمها الفصل على قصة الميراث، التي سهر عليها بنو إسرائيل ليلا طويلا، وذلك ببسط الدعوة يدها على المسجد الحرام والمسجد الأقصى في رحلة واحدة في ليلة واحدة، قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد .

(1) أرميا: 23 / 40.
(2) المصدر نفسه: 17 / 2 - 4.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست