هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام - علي الشيخ - الصفحة ١٧٥
التاركات للدنيا الراهبات، وكانت لي مع العالم علاقة خاصة، إذ كان له أنس ومحبة واهتمام خاص بي، ولهذا فقد سلمني مفاتيح المدرسة (المسكن والمخزن وغيرها) كلها باستثناء مفتاح لغرفة صغيرة خاصة به، وكنت أظن أن فيها أمواله الشخصية، ولذا كنت أحدث نفسي وأقول أن هذا العالم الجليل الزاهد في الظاهر لعله من أهل الدنيا وأنه (ترك الدنيا للدنيا)...
وامتدت مدة دراستي عنده إلى السنة الثامنة عشرة تقريبا، وفي أحد الأيام نزل بالمطران الكبير مرض أقعده عن الدرس في ذلك اليوم، وأمرني أن أبلغ التلاميذ بأنه لا يستطيع حضور الدرس، لأن مزاجه لا يساعد على التدريس، وفعلا خرجت إلى التلاميذ لا بلاغهم أمر الأستاذ، فرأيت التلاميذ مجتمعين يتباحثون في مسألة علمية، وكان حديثهم يدور حول كلمة (فارقليطا) في السرياني و (پيرقليطوس) باليوني، الذي ذكرها (يوحنا) في إنجليه نقلا عن المسيح (عليه السلام). وكثر الجدال والنقاش حول هذه الكلمة، واختلفت الآراء في معنى هذه الكلمة، وانتهى النقاش وانصرف التلاميذ دون الوصول إلى نتيجة...
وبعدها رجعت إلى غرفة المطران الأعظم فسألني: يا بني عند غيابي اليوم بأي موضوع تباحثتم؟ فذكرت له أن التلاميذ اختلفوا في معنى كلمة (فارقليطا) وأوضحت له الآراء التي طرحها التلاميذ في
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست