هذا وأدركت من أدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب على قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق..
كانت هذه هي أولى طلقات هذا المدفع..
ويواصل ابن حنبل قائلا: من زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له: أرأيت هذه المرأة حملت من الزنا وجاءت بولد. هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد؟ وهل مضى في سابق علمه؟
فإن قال: لا. فقد زعم أن مع الله خالقا، وهذا هو الشرك صراحا.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره، وهذا صراح قول المجوسية..
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل وأن ذلك بمشيئة من خلقه، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، وأي كفر أوضح من هذا؟
ويحدد ابن حنبل موقفه من الحكام صراحة بقوله:
ولا تخرج على السلطان وتسمع وتطيع ولا تنكث بيعته، فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة..
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون ذلك في حديث كما جاء على ما روي فنصدقه، والكف عن أهل القبلة ولا تكفر أحدا منهم بذنب ولا تخرجه من الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء وكما روي وتصدقه وتقبله وتعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة وشرب الخمر وما أشبه ذلك، أو يبتدع بدعة ينسب إلى صاحبها الكفر والخروج من الإسلام فاتبع الأثر في ذلك ولا تجاوزه، فإن احتج مبتدع أو زنديق بقوله الله عز وجل (كل شئ هالك إلا وجهه) وبنحو هذا من متشابه القرآن، قيل له: كل شئ مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك، والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك، وهما من الآخرة لا من الدنيا، والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدا، لأن الله عز وجل خلقهن للبقاء لا للفناء، ولم يكتب عليهن الموت، فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع وقد ضل عن سواء السبيل، ولله عز وجل عرش، وللعرش حملة يحملونه، والله عز وجل على عرشه يتحرك ويتكلم وينظر ويبصر ويضحك ويفرح ويحب