ودخلوا في صدامات دموية مع الشيعة والأشاعرة والشافعية والأحناف والمعتزلة..
يروي الذهبي عن أحداث عام (398 ه) أن في هذه السنة وقعت فتنة عظيمة بين الشيعة والسنة في بغداد وكاد أن يقتل الشيخ أبو حامد الإسفرايني، فأنفذ الخليفة القادر الفرسان لمعاونة أهل السنة وقمع الشيعة.. (9) ومثل هذه المدافع التي حملها الحنابلة في مواجهة الناس والمخالفين والتي هي من صناعة إمامهم ابن حنبل لم توجه في يوم من الأيام إلى الحكام، وهذا الأمر إن دل على شئ فإنما يدل على أن عقيدة الحنابلة في مضمونها عقيدة حكومية في صالح الحاكم لا في صالح الجماهير..
وهو يدل من جناب آخر على أن هذه العقيدة قد فرضت على المسلمين بضغط الحكام ولو قدر لها أن تسلك السبيل المعتاد في الدعوة الذي سلكته الشيعة والخوارج من بعد الإمام علي والمعتزلة والمذاهب الأخرى لما قدر لها البقاء والانتشار، والبرهان على ذلك أن مذهب الحنابلة سقط وتوارى بعد سقوط الدولة العباسية، واتجهت الدول التي ظهرت بعدها نحو الأشاعرة والشافعية..
وجاء ابن تيمية في القرن الثامن فحمل مدافع الحنابلة وأطلق نيرانه على المسلمين فقمعه الفقهاء والحكام وحبس حتى مات في الحبس وحبس معه تلميذه ابن القيم.. ولم يقدر للحنابلة البروز بعد ذلك حتى جاء محمد بن عبد الوهاب وحمل مدافعهم من جديد ثم تسلمت الجماعات راية الحنابلة من الوهابيين وحملت مدافعهم في مواجهة المسلمين وغير المسلمين لتعود فتن الحنابلة إلى البروز على ساحة الواقع من جديد.. (10)