الإسلام من أجمع جميع فرق الإسلام على أنه ليس مسلما مثل طوائف الخوارج، وطوائف من المعتزلة وطوائف من المرجئة وآخرون كانوا من أهل السنة كالحلاج وغيره وطوائف من الشيعة، وكل هذه الفرق لا تتعلق بحجة أصلا وليس بأيديهم إلا دعوى الإلهام والقحة والمجاهرة بالكذب ولا يلتفتون إلى مناظرة ويكفي من الرد عليهم أن يقال لهم ما الفرق بينكم وبين من ادعى أنه ألهم بطلان قولكم ولا سبيل إلى الانفكاك من هذا، وأيضا فإن جميع فرق الإسلام متبرئة منهم مكفرة لهم مجمعون على أنهم على غير الإسلام..
والأصل في أكثر خروج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام أن الفرس أظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل بيت رسول الله (ص) واستشناع ظلم علي (رضي الله عنه) ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن الإسلام فقوم منهم أدخلوهم إلى القول بأن رجلا ينتظر يدعى المهدي عنده حقيقة الدين، وقد أوضحنا شنع جميع هذه الفرق في كتاب لنا اسمه النصائح المنجية من الفضائح المخزية والقبائح المردية من أقوال أهل البدع من الفرق الأربع المعتزلة والمرجئة والخوارج والشيع. فإياكم وكل قول لم يبين سبيله ولا وضح دليله ولا تعوجا عما مضى نبيكم (ص) وأصحابه.. (7) أن الإسلام عند ابن حزم هو أهل السنة الذين ينطق بلسانهم ويحاكم الاتجاهات الأخرى على أساس عقائدهم ورواياتهم، وكتابة (الفصل) كما هو حال كتب الفرق الأخرى إنما يتحدث بلسان الاتجاه السائد اتجاه أهل السنة لا بلسان النص والعقل والرأي لأن كل ذلك مجرم في مذهب أهل السنة الذين تقوم عقائدهم ومذهبهم على أساس الروايات وأقوال الرجال ونبذ الرأي والعقل..
ويبدو لنا من خلال كلام ابن حزم أنه يتحدث بمنطق الاستعلاء على الاتجاهات الأخرى وهو المنطق السائد لدى أهل السنة في تعاملهم مع الآخرين كما هو منطق كتب الفرق جميعها التي كتبت بأقلام رجال أهل السنة وجارت على الاتجاهات الأخرى وزندقتها..
والاتجاهات الأخرى في منظور ابن حزم ومذهبه بين خيارين:
إما أن تلتزم بنهج الصحابة والتابعين وأصحاب الحديث والفقهاء وتتبنى رواياتهم..
وإما أن تسلك سبيل المعارضة وهي بهذا تكون قد دخلت دائرة البدعة والزندقة ووضعت نفسها في دائرة الاستحلال من قبل الحكام والفقهاء وحتى عوام الناس.