مدافع الفقهاء ، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف - صالح الورداني - الصفحة ٥٧
للناس كذبهم على الله فرحم الله من عقل عن الله ورجع القول الذي يخالف الكتاب والسنة وقال بقول العلماء وهو قول المهاجرين والأنصار وترك دين الشيطان ودين جهم وشيعته..
ويلاحظ من خلال ما تم عرضه من هذه الرسالة أن خصوم ابن حنبل من الجهمية وغيرهم يستندون إلى الكتاب والسنة التي يستند عليها ابن حنبل. فمن ثم هم مسلمون مثلما هو مسلم فإذا كان الأمر كذلك فلما كل هذه الحرب من قبل ابن حنبل عليهم..؟
أن المسألة في مضمونها هي صراع بين اتجاهين متناقضين:
اتجاه ابن حنبل الذي يرفض العقل والرأي ويتبنى الروايات..
واتجاه الآخرين الذين يؤمنون بالعقل والرأي..
وقد لاقى اتجاه ابن حنبل منذ عصر المتوكل دعما متواصلا من حكام بني العباسي. بينما اعتبر الاتجاه الآخر مرفوضا ومجرما ومزندقا..
حتى أن اتجاه الأشعري الذي برز بعد مرحلة ابن حنبل تأثر به وتبنى الكثير من مقولاته فتلقفته حكومات السلاجقة والأيوبيين والمماليك واعتبروه النهج المعبر عن أهل السنة ومنذ ذلك الحين عاشت الاتجاهات الأخرى في ركن مظلم معزولة عن الواقع مستضعفة تلاحقها السيوف تارة، وفتاوى التكفير والزندقة تارة أخرى، وذلك على أساس ما وضع ابن حنبل من قواعد وعقائد ومفاهيم..
- المدفع الثاني:
وتشكل رسالة السنة التي سوف نعرض لها هنا الإطار العقائدي والأساس الذي بيت عليه المواقف والممارسات المتطرفة التي تبناها الحنابلة وغيرهم، وتبناها كذلك الحكام في مواجهة المسلمين المخالفين.
لقد أهدى ابن حنبل الأمة تراثا هو عبارة عن مجموعة من المدافع الثقيلة الشديدة على العقل والاتجاهات الأخرى، استثمره الحكام واستثمرته الجماعات المريضة في تفتيت وحدة المسلمين وزرع الإرهاب بينهم وتفريغ عقولهم.
يقول ابن حنبل في مقدمة الرسالة: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها. المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي (ص) إلى يومنا
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست