وهنا ارتبك القائلون بنسخ نكاح المتعة ارتباكا شديدا أمام هذا الحديث لأنهم يعلمون يقينا أنهم ظل مباحا إلى ما بعد زمن خيبر وهذا يتعارض مع دلالة الحديث ولذلك حكى البيهقي عن الحميدي أن سفيانا كان يقول: " إن قوله في الحديث " يوم خيبر " يتعلق بالحمر الأهلية لا بالمتعة "!! وذكر السهيلي أن ابن عيينة روى عن الزهري بلفظ " نهي عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر وعن المتعة بعد ذلك أو في غير ذلك اليوم ". وروى ابن عبد البر أن الحميدي ذكر عن ابن عيينة " أن النهي زمن خيبر كان عن لحوم الحمر الأهلية وأما المتعة فكانت في غير يوم خيبر ". قال ابن عبد البر: " وعلى هذا أكثر الناس ". وقال في (صحيحه): " سمعت أهل العلم يقولون: معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأما المتعة فسكت عنها!! وإنما نهى عنها يوم الفتح ". قال الحافظ في (الفتح): والحامل لهؤلاء على هذا ما ثبت من الرخصة فيها بعد زمن خيبر كما أشار إليه البيهقي ولكنه يشكل على كلام هؤلاء ما في (البخاري) في الذبائح من طريق مالك بلفظ " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية " وهكذا أخرجه مسلم من رواية ابن عيينة (1).
وبعد أن ذكر الشوكاني - في (نيل الأوطار) - كلام هؤلاء مر عليه مرور الكرام ولم يأت بجواب عن تلك الورطة التي أوقعهم فيها هذا الحديث الذي يعلم الله وحده من الذي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى الإمام علي عليه السلام.
ومن ذلك - أيضا - الحديث المروي عن أبي هريرة قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فنزلنا بثنية الوداع فرأى نساء يبكين فقال:
ما هذا؟ قيل: نساء تمتع بهن أزواجهن ثم فارقوهن فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث " (2).