والأيدي وأوجب شيئا آخر اسمه (مسح) يختص بالرؤوس والأرجل وفرق بينهما. فما الذي خلط هذا بذلك وجعل هذا مشتملا على ذلك؟!
ثالثا: إن الغسل لغة له كيفية معينة وطريقة خاصة به كما هو معروف وكذلك المسح له كيفية مختلفة لغة وعرفا ولا يجوز أن يخلط بينهما أو أن يمتزج بعضهما ببعض.
رابعا: إن الاحتياط لا يتحقق إلا بالجمع بين المسح والغسل لكونهما حقيقتين مختلفتين كما ذهب إلى ذلك داود الأصفهاني والناصر بالحق من أئمة الزيدية حيث التبس الأمر عليهما وأوقعهما في حيرة بسبب التعارض بين الآية والأخبار فأوجبا الجمع بينهما عملا بهما معا. أما القول بأن الغسل مشتمل على المسح فهذه مغالطة واضحة.
خامسا: إذا تعارضت الأخبار مع النص القرآني الصريح فإنه يجب الأخذ بالقرآن قطعا والعمل به وأما الأخبار فإما أن تؤول بنحو من التأويلات ما أمكن لذلك سبيل أو تطرح نهائيا نظرا لتعارضها مع الكتاب القطعي.
ألا ترى أنه إذا جاء القرآن بقوله: (امسحوا) وجاءت الأخبار بقولها (اغسلوا) فبأيهما نأخذ؟
سادسا: ورد بعض الآثار الصحيحة الدالة على أن الواجب في الوضوء هو مسح الأرجل وفقا لكتاب الله تعالى.
قال الإمام الطبري في تفسيره لآية الوضوء:
" وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بخفض (الأرجل) وتأول قارئو ذلك كذلك إن الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها وجعلوا (الأرجل) عطفا على (الرؤوس) فخفضوها لذلك.
ثم روى الطبري عدة روايات في ذلك منها:
- عن ابن عباس قال: " الوضوء غسلتان ومسحتان ".