بأمة محمد، (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يبقى إلا ن نقول إن عدم الرؤية إنما هو نابع من الحالة الشخصية النفسية لبعض الأشخاص الذين عجزت نفوسهم وهممهم عن ملاحقة تيار الحق الصامد بقيادة أمير المؤمنين علي، (عليه السلام)، فاختاروا موقفا يكون شعاره (ولا تفتني) وحقيقته كما قال سبحانه وتعالى: (ألا في الفتنة سقطوا).
لم تكن الكارثة الفاجعة التي لحقت بالأمة الإسلامية، في هذه المرحلة من بدايات تاريخها، هيئة ولا سهلة فقد كانت كارثة انشقاق أولا ثم كارثة ضلال وإضلال ثانيا، وقد مارسها أئمة الفتنة والضلال من بني أمية، إضافة إلى أن حادثة الانقسام لم تحدث في فراغ، وإنما شقت معها جسد الأمة الوليد الذي لم يكن قد بلغ بعد مرحلة النضج، ولا هي جرت في هدوء وصمت، وإنما صاحبها ضجيج وصخب أدى إلى التشويش على إمام ألحق علي، (عليه السلام) ما أدى إلى حالة من الارتياب أصابت الجميع، وليس أدل على هذا من ذلك الرجل التائه الذي رأى الفريقين يصلون ويقرؤون قرآنا واحدا، فأصابته هزة شديدة فذهب يسأل الإمام، (عليه السلام)، فحاله على عمار، رضوان الله عليه، الذي أجابه إجابة العارف الخبير الذي لا يخدع. ولكن من أين للأمة بمثل عمار أو مالك الأشتر أو أبو الهيثمي التيهان، هؤلاء الخلص من أصحاب محمد، (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وعملوا بوصيته الخالدة: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".