عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ٢٠٧
هذه الجملة الأخيرة من كلام المهلب قائلا: وهو كلام من لم يقف على شئ من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة (يكون اثنا عشر أميرا). وقد عرفت من الروايات التي ذكرتها من عند مسلم وغيره أنه ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهي كون الإسلام عزيزا منيعا. ويقول القاضي عياض: توجه على هذا العدد سؤالان أحدهما أنه يعارضه ظاهر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا. لأن الثلاثين سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي عليه السلام. والثاني أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد. والجواب عن الأول أنه أراد في حديث الخلافة بعدي خلافة النبوة. ولم يقيد في حديث الاثني عشر بذلك. وعن الثاني أنه لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر وإنما قال يكون اثنا عشر وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم. وهذا إن جعل اللفظ واقعا على كل من ولي وإلا فيحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة.
وينقل ابن حجر: وقد قيل إنهم يكونون في زمن واحد يفترق الناس عليهم. ويحتمل أن يكون المراد أن يكون الاثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة (1).
ويقول ابن الجوزي في كشف المشكل قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مظانه وسألت عنه فلم أقع على المقصود به لأن ألفاظه مختلفة ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة. فأما الوجه الأول فإنه أشار - أي الرسول - إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه وأن حكم أصحابه مرتبط بحكمه فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم. فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار وعدتهم ثلاثة عشر. ولا يعد عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير لكونهم صحابة. فإذا أسقطنا منهم مروان بن

(1) فتح الباري، ج 13، كتاب الأحكام.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست