عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٩٥
ولأجل هذه النظرية القدسية التي ينظر بها أهل السنة للصحابة وهذا التنزيه المطلق لهم اعتبروهم مصدرا من مصادر التلقي وقدموهم على النصوص بل أخضعوا النصوص لهم.
ومثال ذلك اجتهادات عمر على النصوص وإخضاعها لفهمه وحصرها في رأيه (1).
ومثال ذلك أيضا النصوص الواردة في ردتهم وفسقهم وبغيهم فهذه النصوص قد تم تأويلها وتطويعها بحيث لا تمس الصحابة ولا تشكك فيهم ولا تهز صورتهم (2).
ومن هنا تحولت أقوال الصحابة وممارساتهم إلى نصوص تتعبد بها الأمة خاصة مواقف ابن عمر وأقواله (3).

(١) أنظر النص والاجتهاد وفقه الهزيمة وسوف نلقي الضوء على هذا الأمر عند الحديث عن موقف الشيعة من الصحابة.
(٢) أنظر مفاهيم القرآن، ج ٥، الفصل الثالث وشبهات حول الشيعة وفقه الهزيمة.
ويظهر أن القوم تناسوا النصوص الواردة في القرآن والتي تذم الصحابة مثل قوله تعالى: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين * إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون * ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) التوبة / ٤٤ - ٤٦.
وقوله تعالى: (قل أنفقوا طوعا أو كرها فلن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين) التوبة.
وقوله: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) التوبة.
وقوله: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) الحجرات.
وذلك غير الثلاثة الذين خلفوا وأصحاب المسجد الضرار وأصحاب الإفك وغيرهم كثير ذكرهم القرآن وجميعهم من الصحابة شاهدوا الرسول وعاصروه ومع ذلك حكم عليهم القرآن بالفسق والنفاق والجبن والفرار من الحرب.
وفي الأحاديث يروي البخاري قول الرسول صلى الله عليه وآله: إنكم لتحشرون حفاة عراة وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي، أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم). وهناك عدة روايات رواها البخاري حول ردة الصحابة وهي معروفة بأحاديث الحوض.
(3) يعتبر ابن عمر ركنا من أركان مذهب أهل السنة وقد ركزت الأضواء عليه من دون بقية الصحابة لمواقفه الموالية للحكام والمعادية لآل البيت. فقد بايع معاوية ويزيد والحجاج ولم يبايع الإمام عليا. وصلى وراء الحجاج ومعه أنس بن مالك ومن هنا اخترعت قاعدة جواز الصلاة وراء كل بر وفاجر. كذلك تحولت نصوص عائشة وأبي هريرة ومواقف كل منهما إلى قواعد فقهية تتعبد بها الأمة. انظر لنا فقه الهزيمة فصل الرجال. وانظر أحاديث عائشة للسيد مرتضى العسكري. وأبو هريرة للسيد شرف الدين وأبي رية.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست