ولكن هذا لم يحدث، فقد وجد الإمام علي نفسه وحيدا مع أهل بيته، وقد قال يصف حالته بعد النبي واستيلاء التحالف على السلطة: " فنظرت، فإذا ليس لي رافد ولا مساعد، إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الفنية، فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجا، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار " (96).
لقد فوجئ المؤمنون بدقة تخطيط التحالف وأنهم أمام تنظيم مسلم وضع يده على مواقع السلطة، فواجهوا الوضع الجديد بوصفهم أفرادا لا جماعة، وذهلوا عن قائد الجماعة، فرأوا أن التسليم أولى، وأن قوتهم لا تكاد تذكر بالنسبة إلى جموع التحالف.
والحقيقة أن الكثرة والقلة لا أثر لها في موازين الإسلام، فطول حياة النبي صلى الله عليه وآله كان المؤمنون قلة، وكان المنافقون واليهود والمرتزقة كثرة، ومع هذا قادت القلة المؤمنة هذا المجتمع، لأنها سلمت للنبي وأطاعته، فلو أن القلة المؤمنة كانت محصنة بالقناعة الكافية، ومطيعة للولاية الراشدة، لما تمكن التحالف من النجاح.
والملاحظ أن قرار رئيس الدولة لم يكن ليكفي لإلغاء الانحراف، فلو فرضنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله بوصفه رئيسا أصدر أمرا بلزوم ألقاء أعضاء التحالف لسلاحهم وتعهدهم بعدم مواصلة نشاطهم، والتزامهم بإطاعة الولي من بعده، لما كان لقرار الرسول هذا تأثير يذكر أمام تجمع التحالف المقتنع بأهدافه، لأن هذا القرار لم تكن له قوة بشرية متكاتفة تضعه موضع التنفيذ، ولو كانت هذه القوة متوفرة لوقفت بوجه قادة التحالف حينما اتهمت رسول الله بالهجر، ومنعته من كتابته وصيته.
والملاحظ أيضا أنه لم يكن بوسع النبي صلى الله عليه وآله أن ينظم الفئة المؤمنة