الحال، فإن الله ورسوله والمؤمنين يشهدون بأن الدعوة للإسلام والدولة الإسلامية ما قامتا إلا على أكتاف الذين عارضوا السلطة التي تمخضت عنها السقيفة، ويشهدون بحسن إسلامهم وعظيم جهادهم وصدق ولائهم لله ولرسوله.
3 - السؤال المطروح: ما هو موقف الرسول صلى الله عليه وآله من هذا التحالف ومن كل جديد جاء به التحالف؟
لا شك أن الرسول بشر ولكنه ليس إنسانا عاديا، بل هو معد إعدادا إلهيا ليكون نبيا ورسولا وإماما، وكان يجمع بين النبوة وبين رئاسة الدولة الإسلامية وقيادتها.
إن الانطلاق من هذه الحقائق يجنبنا القياس الخاطئ،: ويجعل من غير المناسب أن يقول زيد من الناس: لو كنت مكان الرسول لفعلت كذا وكذا بهذا التحالف.
لم تكن الدولة التي شيد الرسول أركانها دولة بوليسية تحشر نفسها في ضمير الإنسان وقلبه وتحاسبه على دخيلة نفسه، وإنما هي دولة مثلي قامت لرد اعتبار الإنسان وكرامته التي داسها الطغاة، وتوجيهه في إطار عملية الابتلاء الإلهي، فترسم له الأهداف الإلهية التي خص الله بها الإنسان، وترشده إلى أيسر الطرق لبلوغها، ولم يكن من شأن دولة النبي صلى الله عليه وآله أن تضع رقيبا على الإنسان يرفقه حيثما حل، ولا تجبره إجبارا على فعل الخير واجتناب الشر، لأنها إن فعلت ذلك ألغت مبررات الثواب والعقاب، وعطلت عملية الابتلاء الإلهي.
وأعظم إنجاز حققه النبي الكريم صلى الله عليه وآله هو إخراجه للعرب من دائرة الشرك إلى دائرة التوحيد، فلم يعد بوسع أحد أن يجهر بالشرك، فكلهم موحد لله، أو متظاهر بالتوحيد، وما دام الجميع يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله،