* الفصل الخامس - أشكال المواجهة.
اتخذت مواجهة بطون قريش للنبي وعترته ودينه واتباعه أشكالا مختلفة، نعرض لها كما يلي:
1 - الهزؤ والسخرية.
ألفت بطون قريش فريقا خاصا مهمته الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وآله، ومن أعضاء هذا الفريق: الوليد بن المغيرة والد خالد، وعبقة بن أبي معيط، والحكم بن العاص بن أمية، وهو والد مروان مؤسس الدولة الأموية وعم عثمان بن عفان، وأبو جهل بن عمرو بن هشام المخزومي (100).
وقد أشار القرآن الكريم لهذه الفرقة وممارساتها في آيات عديدة، منها قوله تعالى: " إنا كفيناك المستهزئين " (101)، وقوله تعالى: " ولقد استهزئ برسل من قبلك، فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن " (102).
لقد كانوا يستهزؤن بالنبي صلى الله عليه وآله للتقليل من شأنه: لأنه لم يكن جديرا بالنبوة في نظرهم: وأنه ليس عظيما بمقاييسهم الخاطئة للعظمة. " وقالوا:
لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " (103).
2 - الاتهامات الباطلة.
فقد أشاعت البطون أن النبي (حاشاه) كاذب في ما يزعمه من أمر النبوة والوحي، قال تعالى: " فإن يكذبوك، فقد كذب الذين من قبلهم " (104). وقد كان تأثير هذه التهمة على قبائل العرب قويا ونافذا: نظرا لمكانة بطون قريش الأدبية عند العرب، بدليل أن النبي صلى الله عليه وآله عرض نفسه على قبائل كثيرة، فامتنعت عن اتباعه، وقالت: (أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك) (105)، وظل النبي على هذه الحال حتى ساقه الله لحي من أهل يثرب.