فقالت زعامة البطون - نكف ونمسك.
فقال أبو طالب - فإن كان كاذبا دفعته إليكم تقتلونه.
فقالوا: قد أنصفت وأجملت.
وفضت الصحيفة فإذا كل ما فيها قد محي إلا مواقع اسم الله عز وجل (109)، وبهتت زعامة الشرك، وأسلم على أثر هذه المعجزة عدد من الناس، وأعلن أبو طالب أنه على الدين الحق، واهتزت شرعية الحصار والمقاطعة.
إن للهاشميين فضلا على كل مسلم ومسلمة إلى يوم الدين، فلولا موقفهم الحاسم المشرف بقيادة أبي طالب، لتمكنت بطون قريش من قتل محمد صلى الله عليه وآله، ولما قامت للإسلام قائمة.
ومن المهازل أن تقوم السلطات التي سيطرت على مقاليد أمور المسلمين فيما بعد بتصوير أبي طالب مشركا، وتنكر كفاحه وجهاد أبنائه، وتفرض مسبتهم على المنابر، ولا تقبل شهادة من يواليهم، وتلقي في أذهان العامة والغوغاء أن الهاشميين ماتوا بموت محمد صلى الله عليه وآله، وأنهم لم يخلقوا للقيادة، وإنما خلقوا ليكونوا أتباعا لخلفاء بطون قريش، وأن الخلافة حق خالص للبطون، مثلما كانت النبوة حقا خالصا للهاشميين (110)، وأن هذه القسمة هي القسمة العادلة، وكأن البطون هي المخولة بتوزيع الفضل الإلهي.
8 - التخطيط لقتل النبي صلى الله عليه وآله.
أفلح النبي صلى الله عليه وآله بتكوين قاعدة له في يثرب، إذ أسلم من أهلها ما لا يقل عن سبعين رجلا، دعوه إلى أن يهاجر إليهم، وعاهدوه على أن يحموه كما يحمون أنفسهم، وأطلعت زعامة البطون على عزم النبي على الهجرة وعرفت بالتحديد اليوم الذي سيهاجر فيه، فأدركت أن النبي قد بدأ مرحلة خطيرة، وأنه إذا نجح في الهجرة