خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٣
سيتمكن من استقطاب الأكثرية من سكان يثرب ومن حولها من القبائل، فسارعت بعقد اجتماع في دار الندوة طرحت فيه ثلاثة آراء: حبس النبي، أو نفيه، أو قتله (111).
قال تعالى: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين " (112).
وانتهوا إلى أن القتل هو الحل الأفضل، فاختاروا عددا من فتيانهم، يمثل كل منهم عشيرته، ليشتركوا في قتل النبي، لتكوين جبهة متراصة تقف بوجه بني هاشم، فلا يقوون على المطالبة بدمه، فيضيع دمه بين العشائر.
ما إن خيم الظلام حتى أحاط القتلة المجرمون ببيت النبي صلى الله عليه وآله.
كلف النبي صلى الله عليه وآله عليا أن يتدثر ببرد النبي الحضرمي الأخضر، وينام في فراش النبي، ليوهم المتآمرين أن النائم هو النبي وليس عليا، ثم شرع رسول الله بالخروج وهو يتلو قوله تعالى: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (113)، وتخطى القتلة دون أن يبصروه (114)، ثم تابع طريقه إلى يثرب يرافقه أبو بكر و عبد الله بن أريقط.
وطال انتظار المتآمرين حتى انبلج الفجر، دون أن يخرج النبي ليقتلوه، فسارعوا إلى اقتحام الدار، واقتربوا من فراش النبي، وكشفوا الغطاء، فإذا بالنائم علي، فهاج القتلة وسألوه عن النبي، فأجابهم بهدوء المؤمن ورباطة جأشه: " قلتم له: أخرج عنا، فخرج عنكم " (115).
وجن جنون زعامة البطون، واطلقت فرسانها وراء النبي صلى الله عليه وآله، ليعودوا به حيا أو ميتا، لكنها لم تفلح في مساعيها، إذ دخل النبي صلى الله عليه وآله الغار، وقضى فيه ثلاثة أيام حتى يئست زعامة البطون من العثور عليه، فقام بعد ذلك بشق طريقه بيمن الله ورعايته إلى عاصمة دولته المباركة،
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»