ثالثا - الحكم بن العاص وابناه مروان والحارث.
أما الحكم فقد كان من أشد الكفار عداوة وحربا للرسول صلى الله عليه وآله في مرحلتي الدعوة والدولة، ثم صار طليقا من الطلقاء بعد فتح مكة، ولكن لم يتوقف عن عداوته وكيده، فنفاه النبي صلى الله عليه وآله، وبقي منفيا طيلة حياه النبي وخلافة أبي بكر وعمر، رغم مراجعة عثمان للأخيرين بشأن إرجاعه، فلما تولى عثمان الخلافة أعاده معززا مكرما، وأعطاه من بيت مال المسلمين ما حوله من الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش، وكان عثمان يحبه حبا شديدا، رغم كراهية الحكم للرسول، وكراهية الرسول له. وعندما مات أقام عثمان على قبره فسطاطا، على عادة أهل الجاهلية بإظهار الحزن (79).
وأما ابنه مروان، فهو من أعمدة الشرك، وقد قربه عثمان، وزوجه من ابنته، وجعله رئيسا لوزرائه وكاتما لأسراره، وأعطاه خمس غنائم إفريقيا (80)، ومنحه فدك التي اغتصبوها من صاحبة الحق الشرعي وهي فاطمة الزهراء (ع) (81)، صار الملك له ولأولاده من بعده، فأصبحوا خلفاء المسلمين، مع أن رسول الله (ص) قد لعنهم وحرم عليهم أن يسكنوا المدينة معه (82).
وأما الحارث، فقد قربه عثمان أيضا وزوجه ابنته، وأغدق عليه من أموال المسلمين ما جعله مترفا، وأقطعه منطقة مهزور التي تصدق بها رسول الله على المسلمين (83).
رابعا - الوليد بن عقبة، أخ عثمان لأمه، كان والده من أشد أعداء النبي صلى الله عليه وآله وقد قتل في بدر صبرا، واستمر الوليد في خط معاداة الإسلام ومحاربته، حتى اضطر إلى التظاهر بالإسلام بعد فتح مكة، فأصبح من الطلقاء ولاه عثمان على الكوفة، وكان مشهورا بالزنا وشرب الخمر (84). صلى الصبح أربعا بدلا من اثنتين، وكان يقول وهو ساجد: اشرب واسقني (85)، وكان له تأثير فعال في إقامة وتثبيت الملك الأموي.