وحتى لا نخرج عن إطار السقيفة، لا بد أن نلقي نظرة عن الأسلوب الذي تم فيه الاختيار.
إن ما نتج من صراعات ومشادات عنيفة في السقيفة، كان دليلا كافيا على أن الخلافة اتخذت مجرى معاكسا لقضية الشورى، ذلك بأن جمعا غفيرا من الصحابة امتنعوا عن البيعة. فمنهم من بقي على تلك الحالة حتى قتل. كسعد بن عبادة الخزرجي (رض) ومنهم من تأخر حتى أجبر عليها بالسيف وقيد إليها بالعنف.
وتبين بعد ذلك كيف أن فترة خلافة أبي بكر التي لم تتجاوز مدتها سنتين. كيف عرفت قلائل كثيرة واهتزازات عنيفة كان أهمها وأخطرها تمرد القبائل العربية وامتناع الكثير عن إعطاء الزكاة تعبيرا منها عن رفض خلافة أبي بكر. وذلك فيما أسموه بحرب الردة.
لقد انطلق أبو بكر وعمر على حين غفلة ممن كانوا في انشغال بتجهيز رسول الله (ص) وانطلقوا إلى السقيفة ليواجهوا باقي التيارات الأخرى. فمنطق الشورى يقتضي وجود سلطة عليا سابقة، ليتحاكم إليها الجميع في الأمر. أما أن يفرض تيار معين نفسه مسؤولا عن تنظيم الشورى، فهذا أمر يناقض أساسيات الشورى، وعلى ذلك المبنى يتبين مدى " الدور " الذي سقط فيه الأمر، إذ لا بد من جهة عليا تتحدد سلفا عن طريق النص.
ويذكر براء بن عازب (62) " لم أزل لبني هاشم محبا، فلما قبض رسول الله (ص) خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن، لوفاة رسول الله (ص) فكنت أتردد إلى بني هاشم، وهم عند النبي (ص) في الحجرة، وأتفقد وجوه قريش فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول القوم في سقيفة بني ساعدة.
وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث وإذا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده، فمسحوها على يد أبي بكر، يبايعه