في لسان العرب عن ابن الأثير إن أعرابيا جاء أبا بكر وقال له: أنت خليفة رسول الله؟.
فقال: لا.
فقال: فما أنت؟.
قال: أنا الخالفة بعده.
قال ابن الأثير، الخالفة: الذي لا غناء ولا خير فيه. وإنما قال ذلك تواضعا.
ولست أدري على أي وجه اعتبرها ابن الأثير كذلك. وهل من التواضع أن يصف الإنسان نفسه بالحمق والنفاق وهو في مقام الخلافة. وذلك هو ما ذهب إليه العسكري في الأوائل من معنى " خالف " إذ يقول: " وأما الخلافة بالفتح فالحمق وقلة الخير، رجل خالف، وفي القرآن الكريم: " فاقعدوا مع الخالفين " (10).
قال أبو زيد: " يعني من لا خير فيه من المنافقين (11) ".
وكان المفهوم اللغوي لكلمة خلافة هو الجاري به العمل أيام الشيخين، لما تقدم من تسمية عمر لنفسه خليفة خليفة رسول الله، وتركها لاستثقالهم طولها.
ولو أنها كانت تعني المفهوم الاصطلاحي، لكان سمي أبو بكر إماما، وأميرا للمؤمنين نظرا لتداخل معاني هذه الكلمات في الاعتبار الشرعي والاصطلاحي.
فكلمة إمام وأمير المؤمنين لم تكن متداولة اصطلاحيا إلا في شخص علي (ع) سواء في زمن الرسول (ص) أو بعده كما تقدم ويعزز ذلك ما أكده المؤرخون من أن أول من سمى، نفسه أمير المؤمنين من الخلفاء بعد وفاة الرسول (ص) هو عمر بن الخطاب. وكان عدي بن حاتم أول من سماه بها حسب المسعودي، وأول من سلم عليه بها، المغيرة بن شعبة. وأول من دعا له بهذا الاسم على المنبر، أبو موسى الأشعري. فلما قرأها على عمر قال: " إني لعبد الله وإني لعمر وإني لأمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين (12) ".