الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٤٦
ثم ينهي قوله: " فهل جعل عمر دمشق من نصيب بني أمية فأمر عليها في أول الأمر يزيد بن أبي سفيان ثم رضي بأن يعهد يزيد هذا بالإمارة إلى أخيه معاوية بغير أن يرفع في ذلك إليه؟ وهل فعل عمر ذلك ليتألف بني أمية وليتقي كيدهم ومكرهم، وهم قوم أهل شر ومكر وكيد؟ أم أن هناك أسبابا أخرى دعت إلى ذلك!.
هذا ما لا علم لنا به! وإنما الذي يعلمه هو علام الغيوب " (53).
وليس فيما أحدسه من موقف الأستاذ الجليل، سوى تخوفا من الخوض في مثل هذه الموضوعات إذ يصعب على أستاذنا الجليل موضعة عمر بن الخطاب والبحث في أحواله. فهو أحد العمالقة الذين جعل منهم تاريخ العامة، الذات المتعالية التي تند عن التحليل والنقد.
ولقد سبق أن أكدنا في كتاب " الانتقال " على ذلك لإظهار ما في الأمر من تناسب. لقد ذكرنا ما قام به عمر بن الخطاب من تأمير بني أمية على أصقاع واسعة، واعتبرت ذلك بمثابة حالة من السطحية السياسية " لأن بني أمية لم يكونوا مكتوفي الأيادي بعد أن كانوا طويلبيها في زمن البعثة. وليس بنو أمية عناصر ساذجة، وإنما هم جهاز وحالة قابلة للنشوء في كل لحظة، فتأميرهم لا يعني سوى صب مزيد من النفوذ في جعبتهم، ولقد قووا في زمن عمر بن الخطاب " (54).
ولكني أحببت استدراك ما كنت ذكرته هناك، لأن المسألة ظهر لي فيها مزيدا من الوضوح.
لقد قلت بأن عمر " كان يحاسب الأمويين حسابا عسيرا، لكنه في نفس الوقت يؤمرهم على أصقاع وسيعة " والواقع، إنه لم يكن يحاسبهم حسابا عسيرا على الإمارة وإنما كان يفعل ذلك معهم في قضايا صغيرة مثل ذلك الذي تقدم. يقول الزمخشري في ربيع الأبرار: " وكانت إمارة معاوية عشرين سنة ولاه عمر بن الخطاب الشام، وحاسب عماله إلا معاوية ".

(53) أبو هريرة / محمود أبو رية ص 87 (54) الانتقال الصعب / ص 163 / المؤلف.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235