سمعنا هذا. ورجع العديد منهم عن قتال أمير المؤمنين ولكن السواد الأعظم على الرغم من هذه الحجج الدامغة طافوا حول الجمل. وكما روى الطبري. وإذا رجال من الأزد يأخذون بعر الجمل فيفتونه ويشمونه ويقولون: بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك (99) وبدأت المعركة بقول علي عليه السلام: اللهم خذ أيديهم وأقدامهم (100) ودار القتال وسقط عن يمين الجمل وعن يساره قتلى كثير في رواية إنهم بلغوا خمسون ألف قتيل. وعندما رأى أمير المؤمنين أفي المعركة لن تنتهي إلا بقتل الجمل. حيث أن معسكر عائشة كانوا يدافعون عن الجمل. ويعملون على رفع رأسه. وكلما قتل منهم واحد سارع الآخر ليمسك بزمام الجمل. حتى قطعت يد سبعين رجلا وهي آخذة بخطام الجمل. أمر عليه السلام بقتل الجمل. لأن الحرب ستظل قائمة ما دام هذا الجمل واقفا (101).
ولما سقط البعير على الأرض. انهزم أصحابه وحمل هودج عائشة لتعود إلى بيتها. وكان الهودج كالقنفذ من السهام. ونادى منادي على الناس. إنه لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح (102) ويقال أن أعين بن ضبعة اطلع في الهودج فقالت عائشة: إليك. لعنك الله. فقال: والله ما أرى إلا حميراء. فقالت هتك الله سترك (103). وعن أبي ثابت مولى أبي ذر قال كنت مع علي يوم الجمل فلما رأيت عائشة دخلني بعض ما يدخل الناس. فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر. فقاتلت مع أمير المؤمنين. فلما فرغ ذهبت إلى المدينة. فأتيت أم سلمة. فقلت أني والله ما جئت أسأل طعاما ولا شرابا. ولكني مولى لأبي ذر.
فقالت: مرحبا. فقصصت عليها قصتي. فقالت: أين كنت حين طارت القلوب مطائرها؟ قلت: إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس. قالت:
أحسنت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض (104).