هذه الوقائع قد حولت إلى معتقدات تقدم لنا ملفوفة في أوراق إسلامية، حملت أسماء مشاهير، وما طبعت إلا في مطابع السلطة.
هذه هي وقائع تاريخنا التي صاغ على أساسها فلاسفتنا ومفكرونا ما صبوه فينا من فكر سياسي. وليتهم تركوا لنا الخيار لنزن ما يقولونه وما يقوله المعارضون للسلطة، بل شنوها حربا شعواء على من عارض السلطان، ورموهم بما ليس فيهم، وكفروهم، فإذا المسلم اليوم لا يطيق أن يسمع رأيا معارضا، ولا يرى بين المسلمين مسلما إلا نفسه وفرقته، ولا يرى الإسلام والعقيدة الصحيحة إلا في أقوال ابن فلان وابن فلان، فاتسعت الشقة بين من يعارضون (فكر السلطة) ونظرياتها في الحكم والسياسة، وبين الأغلبية العظمى التي تردد بلا وعي (فكر السلطة) وتريد في نفس الوقت أن تصل إلى السلطة وتسقط الأنظمة وتبيد الطواغيت.