إن وصول معاوية إلى قيادة خير أمة لم يكن غير نتيجة منطقية لأزمة القيادة التي ألقى الأمة والدولة في دوامتها نفر من كبار الجيل الأول، لاعتبارات آخر ما فيها مصلحة الدين والدولة، فظلت مخالفاتهم تتعاظم يوما بعد يوم حتى وجد المسلمون أنفسهم بين أنياب بني أمية، ومنذ ذلك الحين ونحن نتوارث هذه السياسات، يحكمنا بها الطواغيت، فيركبوننا ويقضون علينا مآربهم، ونستكين لهم بهذه السياسات، لا فرق بين ماضينا وحاضرنا، فما نراه اليوم ليس إلا صورة عصرية مما ارتكبه الأوائل ومارسه السلف، وليس من سبيل إلى إصلاح الحاضر إلا بالوقوف موقفا محددا من هذا الماضي، ورفض ما خالف ومن خالف فيه أحكام الإسلام، وهي واضحة جلية من أجل أن نعرف رأسنا من أرجلنا، على الأقل قبل قليل من يوم القيامة.
لكن مصيبتنا السوداء أننا نعيش على فتات ماضينا، نلوك حوادثه، ونمضغ سيرة السلف دون أن نزيل عنها ما علق بها، فيتحول كل هذا في دمائنا أفيونا وبلادة، دون أن نحس، لأن