بعد أربعة أميال من أكتيوم، وقد بناها أغسطس قيصر سنة 30 ق. م. تذكارا لانتصاراته على منافسة مرقص أنطونيوس في أكتيوم وتسمى اليوم " ريفا " ولا تزال آثار المدينة القديمة فيها، من هياكل ومسارح وقنوات وأبنية.
النيل: أكبر أنهار مصر وإفريقيا، ومن أكبر أنهار العالم، كما أنه أشهر أنهار العالم قاطبة في التاريخ على ممر الأجيال. وهو ينبع من عدة مصادر، من بحيرة فكتوريا نيانزا في إفريقيا الوسطى (وهي ترتفع حوالي أربعة آلاف قدم عن سطح البحر وتقع على خط العرض درجة 3) وتجري مياه البحيرة باسم النيل الأبيض حتى الخرطوم (عاصمة السودان) حيث تتحد مع النيل الأزرق الذي ينبع من جبال بلاد الحبشة، والنيل المشهور في التاريخ هو هذا الذي يتألف من اتحاد النيلين الأزرق والأبيض، ويبلغ طوله من هناك إلى مصبه في دمياط ورشيد ألفا وستمئة وخمسين ميلا، ولا يستقبل بعد الخرطوم إلا رافدا واحدا وهو نهر عطبرة من جهة الشرق بعد الخرطوم بمئة وأربعين ميلا، وترتفع التلال على جانبي النيل عدة مئات من الأقدام عن مجرى المياه ولكن هذا الارتفاع يتناقص عند القاهرة ويكاد يزول في الدلتا.
ويبدأ النيل دخوله في الأرض النوبية ذات الحجارة الرملية بملتويات تتخللها ستة شلالات كبيرة وأشهرها شلال أسوان حيث اتخذت الترتيبات لاستغلال مياه النهر في أمور كثيرة وخاصة الري وتوليد الكهرباء. وأسوان مدينة قديمة، وكانت الحد الفاصل لمصر في الجنوب في عهود كثيرة. وهي منطقة صخرية من الحجر الجرانيت الذي كان القدماء في مصر وسورية يصنعون منه تماثيل آلهتهم وملوكهم وأعمدة قصورهم وهياكلهم. وقد كونت هذه المنطقة الصخرية من نفسها سدا طبيعيا صالحا لخزن مياه النيل.
ويحافظ النيل على وحدته إلى ما بعد القاهرة بقليل، حيث ينقسم إلى عدة فروع، اثنان منها رئيسيان، فرع يجري نحو دمياط، والآخر نحو رشيد. وكانت الفروع في الماضي سبعة، أشهرها الفرع الشرقي، المعروف بالبليوسي، والفرع الغربي المعروف بالكانوبي، والفرع الأوسط المعروف بالسبنيتي. وأرض الدلتا نفسها مدينة بوجودها للنيل. فقد تكونت على مر العصور من الطين الخصب الذي يحمله النهر معه في مجراه الطويل.
وحجمها يزداد بطبيعة الحال سنة بعد أخرى. واسم الدلتا نفسه راجع إلى شكلها، إذ هي على شكل حرف الدلتا اليوناني، ويبلغ الطين الخصب الذي يحمله النهر من الكثرة أنه أحيانا يجري مع النيل إلى حيث يصب في البحر المتوسط ثم تحمله تيارات المتوسط إلى السواحل المجاورة.
والنيل محور مياه مصر والمصدر الرئيسي الأول لمياه الري فيها. ولذلك قال هيرودوتس أبو التاريخ: أن مصر هبة النيل إذ أن المطر في مصر قليل والقسم الأكبر من أراضيها صحراء ولا مصادر أخرى للماء. ويعتمد المزارعون على مياه النيل كلية - إما بفيضانه أو بحفر الترع على جانبيه. ويبدأ الفيضان عادة في شهر حزيران (يونيو) ويأخذ في الازدياد إلى تشرين الأول (أكتوبر) حتى يتراجع وينخفض. ويزداد ارتفاع مياه النيل فيخشى على الأراضي الممتدة على جانبيه من الفيضان كما أنه ينخفض أحيانا أكثر من المنتظر فيعرض مصر لخطر المجاعة والقحط. ولذلك كان النيل هو مصدر متاعب