العبرانيين على الساحل كانت فينيقية تنتهي عند الرأس الأبيض نحو 14 ميلا جنوب صور، مع أنه كان لم يزل فينيقيون مقيمين في عكو وأكزيب (قض 1:
31). والمسافة بين أرواد والرأس الأبيض نحو 125 ميلا. أما في زمن المسيح فكانت فينيقية تمتد جنوبا حتى دور الواقعة 16 ميلا إلى الجنوب من الكرمل.
وكانت صور وصيداء أهم مدنها. واشتهرت منهما أولا صيداء. ودعا العبرانيون القدماء فينيقية كنعان (اش 23: 11 و 12) وسكانها كنعانيين (تك 10: 15). وتقول تقاليد الفينيقيين أنهم هاجروا من الخليج العربي عن طريق سوريا إلى سواحل كنعان.
أما مؤرخو العرب ففي رأيهم أن هجرة الفينيقيين تمت عبر الصحراء العربية الشمالية. ومهما يكن من أمر فقد رد الفينيقيون أصلهم إلى جوار الخليج العربي من جزيرة العرب مهد الساميين.
كان في الأرض التي احتلها الفينيقيون مرافئ طبيعية صالحة. وقد أمدهم الجبل بمعين من الأخشاب لا ينضب فبنوا السفن وأصبحوا أمهر النوتية في الأزمنة القديمة (حز 27). ولم يكتفوا بالمتاجرة مع البلدان النائية التي وصلوها عن طريق البحر الأبيض المتوسط بل استعمروا بقعا صالحة للتجارة أصبح بعضها فيما بعد مراكز ذات شأن، أشهرها قرطجنة على الساحل الأفريقي الشمالي قرب مدينة تونس اليوم. وقد زاحمت روما طويلا إلى أن قهرتها هذه الأخيرة وهدمتها. ومن قوادها المشهورين في الحروب البونيكية القرطجنية (أي الفينيقية القرطجنية) من كانت أسماؤهم فينيقية محضة.
فحنيبعل يعني " نعمة بعل ". وحسد روبعل أو عزد روبعل يعني " بعل عون ". وكان للفينيقيين مستعمرات تجارية أيضا في أماكن أخرى في شمال إفريقيا وفي جزائر عديدة في البحر المتوسط وفي إسبانيا وقد وصلوا إلى إنكلترا في رحلاتهم التجارية. وفي أيام سليمان كان الفينيقيون يشتركون مع العبرانيين في رحلات تجارية إلى أوفير في الشرق (1 مل 9: 26 - 28 و 10: 11 و 22 و 2 أخبار 8: 17 و 18 و 9: 10). وبالإضافة إلى فني الملاحة والتجارة فقد اشتهر الفينيقيون كذلك بالعلم والصناعة. فأخذ عنهم اليونانيون حروف الهجاء كما تعلموا منهم أمورا عديدة منها ما يتعلق بفن الملاحة ثم سك النقود وصناعة الزجاج والأرجوان وغير ذلك.
وبعث حيرام ملك صور صناعا وخشب أرز إلى داود (1 أخبار 14: 1) وسليمان (1 مل 5 و 2 أخبار 2) وتشهد الآثار في جبيل لفن الفينيقيين.
وأما ديانة الفينيقيين فقد كانوا يعبدون آلهة كثيرة وبينها إيل وزوجته أشيرة وهما والدي الآلهة الأخرى مثل بعل إله المطر والرعد ويسمى أيضا هداد وملقرت في صور وبعل حمون في قرطجنة وعنت آلهة الحرب والحب وعشتاروث آلهة التناسل وأدونس (أو تموز) إله الخصب والربيع وداجان (أو داجون 1 صم 5: 1 - 7) إله القمح وأشمون إله الشفاء ومن طقوسهم الفاسدة إحراق الأطفال (تث 12: 31 و 18: 10 وار 19: