عشرة سلطانهم على جزء من آسيا الغربية فقد قهر تحتمس الثالث كنعان وفرض الجزية على الأمم حتى نهر الفرات. وفي عهد امنحوتب (آمنوفيس) الثالث والرابع كانت كنعان تحتلها الجيوش المصرية ويحكمها موظفون مصريون. إلا أن قبضتهم في المدة الأخيرة أخذت تضعف. فالحثيون بدأوا يهددون حدودها الشمالية، وسادت الفوضى أقساما عديدة من البلاد فأصبح السفر غير مأمون. وعم المقاطعات روح من عدم الرضى ومن ثم ساد التمرد. فوسعت قبائل عديدة أراضيها على حساب مصر. وفي عهد الأسرة التي تلت تلك الأسرة في الحكم مر الفرعون سيتي الأول في فلسطين وشن حربا على الحثيين على نهر العاصي. وغزا رعمسيس الثاني فلسطين ولكنه اضطر سنة 1272 ق. م إلى عقد معاهدة مع الحثيين على قدم المساواة. وعقبت وفاته الفتن. إلا أن مرنبتاح أعاد السلام إلى البلاد. ثم جاءت هجرة العبرانيين (الخروج) (أطلب " مصر ").
فاستولوا تحت قيادة موسى على المنطقة الواقعة شرقي الأردن وفي السنة التالية عبروا الأردن تحت قيادة يشوع. وبعد غارات وتجريدات متتابعة قاموا بها استولوا على أرض كنعان بكاملها. ومنذ ذلك الحين حتى سقوط القدس في القرن الأول للميلاد فإن تاريخ الفلسطينيين معظمه تاريخ العبرانيين أطلب " تاريخ ".
11 - طوبرغرافية فلسطين: يذكر الكتاب المقدس وكتب الابوكريفا 622 مدينة غربي الأردن.
وفي جداول تحتمس الثالث وسيتي الأول ورعمسيس الثاني وشيشق الأول في الكرنك (الأقصر) وردت أسماء أماكن فلسطينية تلقي نورا على طوبوغرافية فلسطين وسفر يشوع. وفي رسائل تل العمارنة إشارة إلى مدن في فلسطين في عهد آمنحوتب (آمنوفيس) الثالث والرابع. ثم وردت إشارات أخرى عن وثائق أشورية من القرون التاسع والثامن والسادس لا سيما في ما يتعلق منها بعمليات حربية جرت في فلسطين. وفي النصف الأول من القرن الرابع للميلاد كتب يوسبيوس أسقف قيصرية كتابا عن أسماء الأماكن المذكورة في الكتاب المقدس، ترجمها بعده بقرن ووسعها جيروم المقيم آنذاك في بيت لحم. ويعرف المؤلف اليوم باسم أونوماستيكون.
ومن العلماء البارزين الذين أدوا خدمات جلى في الموضوع الدكتور روبنسون. فقد زار فلسطين سنة 1838 يرافقه تلميذه سابقا المرسل الأميركي في بيروت القس عالي سميث، الذي بمعرفته للغة العربية أدى أكبر مساعدة في البحوث. وبواسطة الأسئلة التي كانا يلقيانها على السكان أطلعا على أسماء بعض الخرائب والقرى التي لم تزل مأهولة. وكثيرا ما كانت تحمل أسماء عبرانية قديمة قد حورت في اللغة العربية فيما بعد.
وكانت اكتشافاتهما في طوبوغرافية فلسطين من الأهمية بمكان. وقد نشرها الدكتور روبنسون سنة 1841 في ثلاثة مجلدات. ثم عاد من أميركا سنة 1852 واستأنف بحوثه في فلسطين يرافقه القس عالي سميث وآخرون غيره. فقام باكتشافات جديدة ضمنها في كتاب نشره سنة 1856 وأسماه " البحوث الكتابية الأخيرة " (Later Biblical Researches) ونظرا لدقته العلمية وآرائه الصائبة فقد قبل الكثير من استنتاجاته. ومن البعثات والجمعيات المهمة في هذا المضمار: (1) بعثة الولايات المتحدة لاستقصاء نهر الأردن والبحر الميت قدمت إلى فلسطين سنة 1848 تحت أمرة الملازم وليم ف. لينتش.
و (2) الجمعية الانكليزية التي تألفت سنة 1865 باسم اعتماد استقصاء فلسطين The Palestine Exploration Fund لمتابعة البحوث الفنية بشأن الأرض المقدسة. وقد انجزت عملا خالدا. فقد صنعت للبلاد خريطة نفيسة مفصلة في 26 طلحية، كما قامت بحفريات مختلفة و (3) المدرسة الأميركية للدراسات والبحوث الشرقية في