فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء خمس عشرة ذراعا في الارتفاع تعاظمت المياه فمات كل جسد كان يدب على الأرض من الناس والطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات. وبقي نوح والذين معه في الفلك فقط (ص 7: 19 - 23). راجع " فلك ".
وبعد مئة وخمسين يوما نقصت المياه واستقر الفلك على جبال أراراط. وبعد شهرين ونصف من ذلك ظهرت رؤوس الجبال (ص 8: 3 - 5).
وبعد ثلاثة أشهر في أثنائها كان نوح قد فحص عن حالة المياه بواسطة طيور أرسلها، ثم كشف الغطاء عن الفلك في أول يوم من الشهر الأول فإذا وجه الأرض قد نشف. ثم انقضت ثمانية أسابيع حتى أمر الله نوحا بالخروج من الفلك (ص 8: 13 - 15).
نعلم اليوم أن قصة الطوفان نقلت إلينا بالتقليد وقد بدأ بوصفها شهود عيان. وجب أن تفهم لغتها وفق المعنى الذي أدركه واضعوها، وأذاعوه قرونا قبل أيام موسى. وأما مدى الطوفان فلا يمكن تحديده من الحديث الذي نقل إلينا. فربما شمل الطوفان المسكونة كلها وربما كان محصورا في منطقة كبيرة.
كانت غاية الطوفان أفناء الجنس البشري الفاسد (تك 6: 7 و 13 و 17 و 7: 4) ومع الإنسان كل الحيوانات المتعلق وجودها بالأرض اليابسة شملها الفناء.
هذه كانت أيضا النتيجة كما تبينها الذين خلصوا في الفلك (ص 7: 21 - 23) وقد أمر نوح أن يأخذ إلى الفلك ذكرا وأنثى من كل جنس من الحيوان وأن يأخذ لها طعاما (ص 6: 20 و 21).
أن تقليد الطوفان كان مشهورا عند الشعب الذي انحدر منه العبرانيون. ففي وطن إبراهيم القديم، في سومر وأكادكان يذكر الطوفان كأزمة كبيرة في تاريخ الإنسانية فقد ذكر ثمانية حكام في قائمة الملوك السومرية ثم يذكر ما يأتي: " ثم امتد الطوفان هناك ".
وعندئذ أعيدت قائمة الملوك.
لقد أظهرت الحفريات الأثرية أن الخراب الذي أحدثته الفيضانات في سومر وأكاد واقع ملموس.
ومع أن هذه الاكتشافات كانت كلها قيمة لكن ليس لدينا دليل كاف لنجعل أي فيضان منها هو طوفان التكوين.
وللسومريين والبابليين تقاليد تتباين قليلا. فالقصة كما كانت محكية في بلاد بابل في زمن الإسكندر نقلها بيروسوس وذكرها كاملة المؤرخ الكنسي يوسابيوس Eusehius فذكر بيروسوس عشرة ملوك قبل الطوفان وآخر من في القائمة هو أكسيسوثروس بطل الطوفان الذي عاش في سيبار وقد أمر اكسيسوثروس ليبني مركبا أخذ فيه عائلته وأصدقاءه المقربين ومن الطيور وذوات الأربع ومؤنا. وبعد أن انقطع المطر أطلق بعض الطيور التي عادت إلى السفينة. وبعد بضعة أيام أرسلها من جديد فعادت وعلى أقدامها طين. وبعد أن أطلقها ثالثة لم تعد. ورست السفينة في أريدنيا وهكذا كشف أكسيسوثروس قسما من جانب السفينة وتركها مع زوجه وابنته والقائد. وأقيم مذبح وقربت ذبيحة.
إن أقدم قصة للطوفان واردة في ترجمة سومرية حفظت جزئيا وكتبت غالبا في ما بين 1894 و 1595 ق. م. وحسب هذه الرواية " شمل الطوفان الأرض سبعة أيام وسبع ليال " وكان بطل الطوفان زيوسدرا الذي التجأ إلى سفينة وقدم ذبيحة بعد ذلك وخلدته الآلهة.
وإن أقدم رواية بابلية هي ملحمة جلكامش. والنص كما نعهده آت من مكتبة أشور بانيبال (669 - 626 ق. م). ولكنه نسخ عن أصول أقدم من ذلك الحين.