قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٣٤
أما طبيعة الشيطان فهي روحية. وهو ملاك سقط بسبب الكبرياء. ورغم ذلك فهو يمتاز بكل امتيازات هذه الرتبة من الكائنات سواء أكانت عقلية كالإدراك والذاكرة والتمييز أو حسية كالعواطف والشهوات أو إرادية كالاختيار (أف 6: 12).
وهو خبيث، فإنه قائد العصاة على الله. يعمل ضد البر والقداسة، ومملوء بالكبرياء والمكر والقساوة. حالته تنطبق على صفاته. فلكونه عدو الله، هو مطرود من وجهه، ومحبوس مع رفاقه في موضع العذاب، حيث يعاقب على العواطف النجسة التي فيه، الأعمال الخبيثة الناتجة عنها (2 بط 2: 4 ويه 6).
غير أن طرده إلى عالم الظلمة لا يمنع اشتغاله في الأرض كاله هذا العالم، وعدو الإنسان اللدود (1 بط 5: 8 و 2 كو 2: 11). فكره مشتغل على الدوام بالمقاصد والأعمال التي مآلها قلب مقاصد الله وأعماله. وهو في ذلك كسائر ملائكته جسور مغامر. أما عمله بين الناس منذ البدء، فهو الغدر والمخاصمة والظلم والقساوة. وهو بشخصه أو بواسطة ملائكته يجرب الناس للخطيئة أو يصدهم عن القداسة ويشتكي عليهم بالخطيئة والضعف وعدم الثبات نحو بعضهم ونحو الله. ويعرضهم للشقاوة الحالية والمستقبلة (أيوب 1 و 2 ومت 4: 1 - 11 ويو 8: 44 واع 26: 18 و 1 كو 7: 5 و 2 كو 2: 11 واف 6:
11 و 1 تس 3: 5 ورؤ 12: 10). وعلى المؤمن أن يقاومه بشدة ولا يخضع له (أف 4: 27 ويع 4:
7). فعند بذر البذار الحية، أي كلمة الله، يسرقها الشيطان (لو 8: 12)، أو يزرع معها زوانا (مت 13: 38). وهو بهذا يريد أن يتسلط على الناس (اع 10: 38).
أما أعوانه في هذه التجارب فهم عصبة الأرواح الساقطة الذين شاركوه في العصيان الأول، ويعملون معه لمخالفة إرادة الله، ضرر أولاده الأبرياء (أف 6: 11 و 2 تي 2: 26). يظهر أن الشيطان بسماح من الله اكتسب بعض السلطان على عناصر العالم الهيولية، وهو يستخدمها لمقاصده الخبيثة. ومن يتشرب بتلك صار وكيلا للشيطان في التغرير بالآخرين وإسقاطهم في مهاوي الشر والرذيلة. فمن يصير لهم هذا المشرب وتلك الطباع يلقبون بأبناء الشيطان (يو 8: 44 و 1 يو 3: 8 و 10). بل إن المسيح دعى يهوذا الإسخريوطي شيطانا (يو 6: 70).
أما كيفية الايقاع بالناس في الخطيئة وتجربتهم فهي مزدوجة، طريق الغش وطريق الاحتيال، فالشيطان يتقلد مظهر ملاك نور أحيانا (2 كو 11:
14) وتنين أحيانا أخرى. وأحيانا يحتال على الناس بأن يقدم الصورة المقبولة لهم (تك 3: 1 - 13).
ويخفى وراءها شرا مميتا. ويمنع الناس عن فعل الخير (مر 4: 15) وذلك بأن يصدهم عن إتمام مقاصدهم (زك 3: 1 و 2).
فإن الشيطان، منذ أخضع آدم وحواء في جنة عدن، أخضع كل جنسنا تحت صولته الظالمة، لأنه خدع الجميع (أف 2: 1 - 3 ورؤ 12: 9). وقد جرب الجميع للخطيئة حتى المسيح في البرية ولكن المسيح قهره وانتصر عليه (مت 4: 1 ويو 12: 31).
وقد أطلقت كلمة شياطين في الجمع على الأرواح الشريرة (مر 1: 34 ولو 4: 33 و 8: 29). وهي تسكن الناس، فإن هذه الأرواح الشريرة هي رسل مرسلة من قبل الشيطان، وتحت أمره وسلطانه (مت 9: 34 و 12: 24). أما تلك الأرواح الشريرة، فقد كانت تدخل الناس والبهائم فتحدث فيهم أعراض الجنون والصرع.
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»