قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١٧٥
(مت 8: 14 و 15 ومر 1: 29 - 31 ولو 4: 38 - 40).
ويرجح أن بطرس كان تلميذا ليوحنا المعمدان قبل مجيئه إلى المسيح. وقد جاء به إلى يسوع أخوه أندراوس واحد من تلميذي يوحنا المعمدان المقربين إليه. وقد أشار يوحنا في حضورهما إلى يسوع بعد رجوعه من التجربة في البرية (يوحنا 1: 35 - 42). وقد دعا يسوع بطرس ثلاث مرات فأولا: دعاه ليكون تلميذا، ودعاه ثانية: لكي يكون رفيقا له ملازما إياه باستمرار (مت 4: 19 ومر 1: 17 ولو 5: 10) ثم دعاه ثالثة: لكي يكون رسولا له (مت 10: 2 ومر 3: 14 و 16 ولو 6: 13 و 14) وقد ساعد حماس بطرس ونشاطه وغيرته على أن يبرز كالمتقدم بين التلاميذ من البداية. فيذكر اسمه دائما أولا عند ذكر أسماء الرسل (مت 10: 2 ومر 3: 16 ولو 6: 14 واع 1: 13). وكذلك عند ذكر أسماء التلاميذ الثلاثة المقربين جدا إلى يسوع كأنه اسمه يذكر أولا فمثلا في التجلي، وعند إقامة ابنه بايرس، وفي بستان جثسيماني وهلم جرا (مت 17: 1 ومر 5: 37 و 9: 2 و 13: 3 و 14: 33 ولو 8: 51 و 9: 28).
ولا يدل سقوطه السريع على شئ من الشك، فإن ما أظهره من المحبة لسيدة بعد ذلك كفيل بالبرهنة على أن ما حصل من إنكار سيده، كما تركه جميع التلاميذ في ليلة المحاكمة، إنما كان ضعفا بشريا، لم يستمر طويلا بل إن نظرة العتاب من سيده الذي عرفه جيدا جعلته يخرج إلى خارج ويبكي بكاء مرا (لو 22: 62).
وفي الكتاب المقدس أمور تذكر مختصة بهذا الرسول، تظهر صفاته الحسنة، كقوله ليسوع " أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ " (لو 5: 8 و 9) وما ذلك إلا لتأثره السريع بالعجيبة التي صنعها المسيح. وهكذا إذا تتبعنا سيرة هذا الرسول نرى أمورا تبرهن على سرعة إيمانه وثقته بابن الله، منها مشيه على الماء (مت 14: 29) ومنها أنه أول من أدرك حقيقة شخصية يسوع فاقر جهارا بأنه المسيح ابن الله (مت 16: 16).
هذا ولا يخلو أن فكره كان متجها نحو الأشياء الزمنية كما يظهر من قوله ليسوع بعد ذلك " حاشاك يا رب، لا يكون لك هذا ". وذلك إذ سمعه يقول، أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم الخ (مت 16: 22 و 23) إلا أنه مع كل ذلك كان متمسكا بكل ثبات بسيده كما ظهر من قوله، " يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك " (يو 6:
67 و 68).
وحينما أراد يسوع أن يغسل أرجل التلاميذ أبى عليه ذلك أولا إلا أنه لم يلبث أن اقتنع بكلام سيده وصرخ قائلا " ليس رجلي فقط بل يدي ورأسي ". وإذ قال يسوع لتلاميذه " حيث أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا "، قال له بطرس:
" يا سيد، لماذا لا أقدر أن اتبعك الآن؟ إني أضع نفسي عنك " (يو 13: 37 و 38).
وبعد القيامة، يخبرنا الجزء الأول من سفر الأعمال أن بطرس حقق ما أنبأ المسيح عنه " وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي " فسواء أكان المقصود بالصخرة الإيمان الذي صرح به بطرس، " أنه المسيح ابن الله الحي " أم أن لفظة صخرة قصد بها الاستعمال المزدوج أي أن الإيمان هذا كان الأساس، أو أن بطرس واسمه معناه " صخرة " كما قدمنا يعبر عن الحقيقة أن كل من يؤمن بأن المسيح هو ابن الله الحي ومخلص العالم يكون الكنيسة، على كلا الحالين نشط بطرس لقيادة أعضاء الكنيسة الأولى.
فكان هو الذي قاد التلاميذ إلى سد الفراغ في
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»