كان يجلس أربعة أو خمسة. وكان يتكئ من يأكل ورأسه بجوار المائدة ومرتفع ليتناول الطعام من فوق المائدة، أما جسمه فيمتد بحيث تكون أقدامه في مؤخر المتكأ. وكان الذي يأكل يسند جسمه على مرفقه الأيسر ليترك الذراع الأيمن حرا يتناول به الطعام.
كان رأس المتكئ في المقدمة يوضع قريبا من صدر المتكئ الذي يليه ولذا فيظهر أنه أثناء تناول العشاء الرباني كان يوحنا متكئا في المقدمة أمام المسيح. وكانت المكانة في الجلوس على المتكأ بحسب هذا الترتيب الأعلى فالأوسط فالسفلى. فمن كان يجلس في المكان الأعلى لم يكن هناك إنسان وراء ظهره. ومرتبة الشرف والتكريم هي المكانة العليا في المتكأ، وهي التي جلس فيها المسيح عند العشاء الرباني.
الاغتسال عند تناول الطعام: وكان العبرانيون يغسلون أيديهم قبل تناول الطعام كما يفعل العرب اليوم وقد أصبحت هذه العادة طقسا وفريضة في ذاتها كما كانت الحال عند الفريسيين. ولقد أوضح السيد المسيح أن نظافة الداخل هي الأمر الجوهري الذي يعتد به (مر 7: 1 - 13) وقد كان أيضا من عاداتهم غسل الأقدام عند تناول الطعام (تك 18: 4 و 19: 2 ولو 7: 44 ويو 13: 54).
الصلاة عند تناول الطعام: قبل تناول الطعام طلب صموئيل البركة (1 صم 9: 13) وبارك المسيح قبل تناول الطعام (مت 14: 19 و 15: 36 و 26:
26). وطلب المسيحيون الأولون البركة على الطعام (أعمال 27: 35) أما الصلاة بعد الانتهاء من الطعام فقد نشأت عند اليهود مما جاء في تثنية 8: 10.
واعتادوا في تناول طعام العشاء أن يغمس كل واحد من الآكلين الخبز في طبق الطعام الواحد (مت 26: 23). وكانت النساء العبرانيات يأكلن مع الرجال (خر 12: 1 - 11 وراعوث 2: 14 و 1 صم 1: 5 وأيوب 1: 4) ويوبخ أمثال 23: 1 و 2 النهم عند تناول الطعام.
(3) تناول الطعام عند الحكام: وكانت موائد الملوك والحكام كثيرا ما تجمع عددا كبيرا من الموظفين. وقد غضب الملك شاول لما امتنع داود عن أن يأكل في قصره (1 صم 20: 5 و 6). وكانت موائد سليمان فاخرة جدا حتى أنه عين موظفين مهمتهم الخاصة جمع المؤن من كل أجزاء البلاد (1 ملو 4: 7 - 27).
وكانت الملكة إيزابيل في السامرة تطعم بانتظام 450 نبيا من أنبياء البعل و 400 نبي من أنبياء أشيرة (1 ملو 18: 19). وكان نحميا كحاكم يضيف بانتظام 150 من الموظفين ومن الفقراء (نحم 5 17 - 19) (4) يسوع وتناول الطعام: أن بعضا من أهم تعاليم يسوع قد نطق بها أثناء تناول الطعام. ففي عرس قانا الجليل أجرى أول آية وهي تحويل الماء إلى خمر.
(يوحنا 2: 1 - 11). وكضيف في الوليمة التي أقامها له متى أكل يسوع مع جباة الضرائب والخطاة وقال أنه جاء ليخلص مثل هؤلاء عندما انتقده الفريسيون لأنه يأكل مع الخطاة (مت 9: 10 - 13). وعند تناوله الطعام في بيت سمعان الفريسي مدح يسوع المرأة الخاطئة التي غسلت رجليه ودهنتهما بالطيب توبة منها وإيمانا به (لو 7: 36 - 50). وقد أظهر فادينا قوته وتحننه في إطعامه الخمسة آلاف (مت 14: 13 - 21) ثم أيضا في إطعامه الأربعة آلاف (مت 15: 32 - 38) وعند تناول الطعام في بيت عنيا علم المسيح مرثا أن إعداد الطعام الفاخر غير مهم وهو دون التعليم الروحي الذي كانت تسمعه مريم بكثير (لو 10:
38 - 42). وعند تناول الغداء في يوم سبت في بيت فريسي شفى يسوع انسانا كان مريضا بمرض الاستسقاء وحذر ضد طلب الأماكن الأولى على المائدة وضد