الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٣٤
ويتبع الإسرار، فإن الإسرار، فإن ذلك أبعد عن الرياء والسمعة، وأن يظهر حيث يعلم أن في الإظهار ترغيبا للناس في الاقتداء، وأن لا يفسد صدقته بالمن (بذكرها) والأذى (بإظهار والتكبر على الأخذ وتعييره بالفقر وانتهاره وتوبيخه)، وأن يستصغر العطية ولا يعجب بها، وأن ينتقي من ماله أجوده وأحبه إليه وأطيبه، وأن يطلب لصدقته من تزكو به الصدقة، فيطلب الأتقياء والمعيلين والأقارب والأصدقاء!
أما الصوم، فيقول الغزالي فيه إنه ثلاث درجات: ثوم العموم (بكف البطن والفرج عن قضاء الشهوة)، وصوم الخصوص (بكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام، وكل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل)، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار (بالكف عن الطعام الحرام)، وأن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار، إذ مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى، لتقوى النفس على التقوى، وأن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربا بين خوف رد صومه، ورجاء قبوله)، وصوم خصوص الخصوص (بصوم القلب عن الأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية)!
أما الحج، فيقول الغزالي فيه إن أوله فهم موقعه من الدين، ويوضح ذلك بقوله إنه لا وصول إلى الله تعالى إلا بالتنزه عن الشهوات، والتجرد لله سبحانه وتعالى في جميع الحركات والسكنات، فيجب أن يجعل مريد الحج عزمه خالصا لوجه الله تعالى، بعيدا عن شوائب الرياء والسمعة، فإذا عزم فيجب عليه قطع العلائق برد المظالم، والتوبة الخالصة لله تعالى عن جملة المعاصي، وطلب الزاد من موضع حلال، وإذا اشترى ثوبي الإحرام ليتزر بهما عند القرب من بيت الله عز وجل، فليتذكر عنده الكفن ولفه فيه عند لقاء الله عز وجل (إذ هذا الثوب قريب من ذلك الثوب، إذ ليس فيه مخيط كما في الكفن)، وهكذا...
ومن العبادة تلاوة القرآن، ويرى الغزالي أنه ينبغي أن يحضر القارئ في قلبه عظمة المتكلم، ويعلم أنه " لا يمسه إلا المطهرون " (في ظاهر الجسم
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»