لذكري "، وحضور القلب هو روح الصلاة، إذ الذكر فيها هو مناجاة مع الله عز وجل (حمد وثناء وتضرع ودعاء)، والمقصود به وبالركوع والسجود هو التعظيم قطعا، ولا يكون معظما لله عز وجل الغافل عنه!
وعلاج إحضار القلب في الصلاة التفهم بصرف الذهن إلى إدراك المعنى، بالإقبال على الفكر ودفع الخواطر الشاغلة، بالنزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب إليها، وهجوم حب الله ومعرفة جلاله وعظمته وهيبته (والهيبة خوف مصدره الإجلال)، ورجاء ثواب الله عز وجل بالصلاة، واستشعار حقارة النفس والتقصير، والعجز عن القيام بحقه تعالى، لتصفو صلاتك عن الخواطر!
ويقول الغزالي إن سبب موارد الخواطر، إما أن يكون أمرا خارجا، أو أمرا في ذاته باطنا، أما الخارج، فما يقرع السمع أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه، ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره ويتسلسل، وعلاجه قطع هذه الأسباب (بأن يغض بصره، أو لا يترك بين يديه ما يشغل حسه، ويقرب من حائط عند صلاته، حتى لا تتسع مسافة بصره)!
وأما الأسباب الباطنة فهي أشد، فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا، لا ينحصر فكره في فن واحد، فهذا طريقه أن يرد النفس قهرا إلى فهم ما يقرؤه في الصلاة وشغلها به عن غيره، ويعينه على ذلك أن يستعد له قبل التحريم، بأن يجدد على نفسه ذكر الآخرة وموقف المناجاة، فإن كان لا يسكن هائج أفكاره، بهذا فلا ينجيه إلا أن يعاقب نفسه، بقطع تلك العلائق، أما الشهوة القوية المرهقة، فلا يزال يجاذبها وتجاذبه، ثم تغلبه، وتنقضي جميع صلاته في شغل المجاذبة.
وقد قال تعالى " وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة "، وهو ربع العشر، ويقول الغزالي إن على مريد الآخرة بزكاته أو بصدقة التطوع: فهم وجوب الزكاة ومعناها، ووجه الامتحان فيها، وشكر النعمة، وتطهير النفس من صفة البخل بأن تتعود بذل المال، وامتحان حبنا لله بمفارقتنا لجزء من أموالنا، فيعجل عن وقت الوجوب إظهارا، للرغبة في الامتثال بإيصال السرور إلى قلوب الفقراء،